وقرأ ابن أبي عبلة (١) «ضاء» ثلاثيا ، وهي تدل على أن الرباعي لازم.
وقرىء (٢) : «وإذا أظلم» مبنيا للمفعول ، وجعله (٣) الزمخشري دالّا على أن «أظلم» متعدّ ، واستأنس أيضا بقول حبيب : [الطويل]
٢٦٥ ـ هما أظلما حاليّ ثمّت أجليا |
|
ظلاميهما عن وجه أمرد أشيب (٤) |
ولا دليل في الآية ؛ لاحتمال أنّ أصله : «وإذا أظلم اللّيل عليهم» ، فلما بني للمفعول حذف الليل ، وقام «عليهم» مقامه ، وأما بيت حبيب فمولّد.
وإنما صدرت الجملة الأولى ب «كلّما» والثانية ب «إذا» ، قال الزمخشري : «لأنهم حراص على وجود ما همّهم به ، معقود من إمكان المشي وتأتّيه ، فكلما صادفوا منه فرصة انتهزوها ، وليس كذلك التوقّف والتّحبّس» (٥) وهذا هو الظاهر ، إلّا أن من النحويين من زعم أن «إذا» تفيد التكرار أيضا ؛ وأنشد : [البسط]
٢٦٦ ـ إذا وجدت أوار الحبّ في كبدي |
|
أقبلت (٦) نحو سقاء القوم أبترد (٧) |
قال : «معناها معنى «كلما»».
قوله : «قاموا» أي وقفوا أو ثبتوا (٨) في مكانهم ، ومنه : «قامت السوق».
قوله : (وَلَوْ شاءَ اللهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصارِهِمْ).
«لو» حرف لما كان سيقع (٩) لوقوع غيره ، هذه عبارة سيبويه وهي أولى من عبارة غيره ، وهي حرف امتناع لامتناع لصحة العبارة الأولى في نحو قوله تعالى : (لَوْ كانَ الْبَحْرُ مِداداً لِكَلِماتِ رَبِّي) [الكهف : ١٠٩].
وفي قوله عليهالسلام : «نعم العبد صهيب ، لو لم يخف الله لم يعصه» (١٠) وعدم
__________________
(١) انظر البحر المحيط : ١ / ٢٢٨ ، والمحرر الوجيز : ١ / ١٠٤ ، والدر المصون : ١ / ١٤٢.
(٢) قرأ بها يزيد بن قطيب والضحاك.
انظر المحرر الوجيز : ١ / ١٠٤ ، والبحر المحيط : ١ / ٢٢٨ ، والكشاف : ١ / ٨٦.
(٣) في أ : وجعلها.
(٤) ينظر ديوانه : (١ / ١٥٧) ، الكشاف : (١ / ٨٦) ، والدر المصون : (١ / ١٤٢).
(٥) في أ : التحسن.
(٦) في أ : وردت.
(٧) ينظر روح المعاني : (١ / ١٧٥) ، الدر المصون : (١ / ١٤٣) ، اللسان (برد).
(٨) في ب : وتلبثوا.
(٩) في ب : ليقع.
(١٠) الحديث ذكره العجلوني في «كشف الخفاء» (٢ / ٤٤٦) وقال : اشتهر في كلام الأصوليين وأصحاب المعاني وأهل العربية من حديث عمر وبعضهم يرفعه إلى النبي صلىاللهعليهوسلم وذكر البهاء السبكي أنه لم يظفر به بعد البحث وكذا كثير من أهل اللغة لكن نقل في المقاصد عن الحافظ ابن حجر أنه ظفر به في مشكل ـ