صحّة الثانية في ذلك كما سيأتي محررا ، ولفساد قولهم : «لو كان إنسانا لكان حيوانا» ؛ إذ لا يلزم من امتناع الإنسان امتناع الحيوان ، ولا يجزم بها خلافا لقوم ، فأما قوله : [الرمل]
٢٦٧ ـ لو يشأ طار به ذو ميعة |
|
لاحق الآطال نهد ذو خصل (١) |
وقول الآخر : [البسيط]
٢٦٨ ـ تامت فؤادك لو يحزنك ما صنعت |
|
إحدى نساء بني ذهل بن شيبانا (٢) |
فمن تسكين المتحرك ضرورة. وأكثر ما تكون شرطا في الماضي ، وقد تأتي بمعنى «إن» ؛ كقوله تعالى : (وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا) [النساء : ٩] وقوله : [الطويل]
٢٦٩ ـ ولو أنّ ليلى الأخيليّة سلّمت |
|
عليّ ودوني جندل وصفائح |
[لسلّمت تسليم البشاشة أو زقا |
|
إليها صدى من جانب القبر صائح](٣)(٤) |
ولا تكون مصدرية على الصحيح ، وقد تشرّب معنى التمني ، فتنصب المضارع بعد «الفاء» جوابا لها ؛ نحو : (فَلَوْ أَنَّ لَنا كَرَّةً فَنَكُونَ) [الشعراء : ١٠٢] وسيأتي تحريره إن شاء الله تعالى.
قال ابن الخطيب (٥) : المشهور أن «لو» تفيد انتفاء الشيء لانتفاء غيره ، ومنهم من أنكر ذلك ، وزعم أنها لا تفيد إلا الرّبط ، واحتج عليه بالآية والخبر :
أما الآية فقوله تعالى : (وَلَوْ عَلِمَ اللهُ فِيهِمْ خَيْراً لَأَسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ) [الأنفال : ٢٣] ، فلو أفادت كلمة «لو» انتفاء الشّيء لانتفاء غيره لزم التّناقض ؛ لأن قوله : (وَلَوْ عَلِمَ اللهُ فِيهِمْ خَيْراً لَأَسْمَعَهُمْ) يقتضي أنه ما علم فيهم خيرا وما أسمعهم ، وقوله : (وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ) يفيد أنه ما أسمعهم ، ولا تولوا ؛ لكن عدم
__________________
ـ الحديث لابن قتيبة من غير إسناد وقال في «اللآلىء» منهم من يجعله من كلام عمر وقد كثر السؤال عنه ولم أقف له على أصل.
(١) البيت لعلقمة الفحل. ينظر ديوانه : ١٣٤ ، ولامرأة من بني الحارث في الحماسة البصرية : ١ / ٢٤٣ ، وخزانة الأدب : ١١ / ٢٩٨ ، والدرر : ٥ / ٩٧ ، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي : ١١٠٨ ، وشرح شواهد المغني : ٢ / ٦٦٤ ، ولعلقمة أو لامرأة من بني الحارث في المقاصد النحوية : ٢ / ٥٣٩ ، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر : ١ / ٣٣٤ ، وتذكرة النحاة : ٣٩ ، والجنى الداني : ٢٨٧ ، وشرح الأشموني : ٣ / ٥٨٤ ، ومغني اللبيب : ١ / ٢٧١ ، وهمع الهوامع : ٢ / ٦٤ ، وينظر الدر المصون : ١ / ١٤٣.
(٢) البيت للقيط بن زرارة ينظر لسان العرب (تيم) ، والعقد الفريد : ٦ / ٨٤ ، وجمهرة اللغة : ص ٤١١ ، وشرح الأشموني : ٣ / ٥٨٤ ، ٦٠٤ ، وشرح شواهد المغني : ٢ / ٦٦٥ ، ومغني اللبيب : ١ / ٢٧١ ، الدر المصون : (١ / ١٤٣).
(٣) سقط في أ.
(٤) البيتان لتوبة بن الحمير. ينظر الأمالي : (١ / ١٩٧) ، شرح ابن عقيل : (٣ / ١٩٣) ، الحماسة : (٢ / ٦٥) ، الدرر : (٢ / ٨٠) ، والدر المصون : (١ / ١٤٣).
(٥) ينظر الفخر الرازي : ٢ / ٧٤.