دين يحيط بهم ، وهذا أهل الحجاز اليوم يعتق الرجل عبده وعليه دين كثير فلا يجيزون عتقه إذا كان عليه دين كثير ، فرفع ابن شبرمة يده إلى السماء وقال : سبحان الله يا ابن أبي ليلي متى قلت بهذا القول ؟ والله ما قلته إلاّ طلب خلافي.
فقال أبو عبد الله عليهالسلام : فعن رأي أيّهما صدر ؟ قال : قلت : بلغني أنّه أخذ برأي ابن أبي ليلى ، وكان له في ذلك هوى فباعهم وقضى دينه ، فقال : فمع أيّهما من قبلكم ؟ قلت له : مع ابن شبرمة ، وقد رجع ابن أبي ليلى إلى رأي ابن شبرمة بعد ذلك.
فقال : أما والله إنّ الحقّ لفي الذي قال ابن أبي ليلى ، وإن كان قد رجع عنه ، فقلت له : هذا ينكسر عندهم في القياس ، فقال : هات قايسني ، قلت : أنا اُقايسك ! فقال : لتقولن بأشد ما تدخل فيه من القياس ، فقلت له : رجل ترك عبداً لم يترك مالاً غيره وقيمة العبد ستمائة درهم ودينه خمسمائة درهم فأعتقه عند الموت ، كيف يصنع ؟ قال : يباع العبد فيأخذ الغرماء خمسمائة درهم ، ويأخذ الورثة مائة درهم ، فقلت : أليس قد بقي من قيمة العبد مائة درهم عن دينه ؟ فقال : بلى ، قلت : أليس للرجل ثلثه يصنع به ما شاء ؟ قال : بلى ، قلت : أليس قد أوصى للعبد بالثلث من المائة حين اعتقه ؟ قال : إنّ العبد لا وصيّة له إنّما ماله لمواليه ، فقلت له : فإن كان قيمة العبد ستّمائة درهم ودينه أربعمائة ، فقال : كذلك يباع العبد فيأخذ الغرماء أربعمائة درهم ويأخذ الورثة مائتين ، ولا يكون للعبد شيء ، قلت : فإنّ قيمة العبد ستمائة درهم ودينه ثلاثمائة درهم فضحك ، فقال : من ههنا أتى أصحابك جعلوا الأشياء شيئاً واحداً (١) ولم
__________________
(١) فيه رد علىٰ العامة وجماعة من الاصوليين ، حيث يستدلون بالفرد علىٰ الطبيعة ويستعينون علىٰ دخول باقي الأفراد بالقياس ، ثم يحكمون بقاعدة كلية ويفرعون عليها ويسمون أمثال تلك القاعدة اُصولاً « منه قده ».