ولم يكن منكراً يلزمه اليمين ، ولا مقرّاً يلزمه الحق ، فيسكت عن الإنكار لعدم صحته ، وعن الإقرار لإلزامه بالمقرّ به ، مع عدم البيّنة على أدائه.
وما أجاب به عنه من أنّه إن قدر على الإثبات يفعل ، وإلاّ يورّي ، مع أنّه قد أدخل الضرر على نفسه إن كان ترك الإشهاد على الوجه الشرعي في الأداء منظور فيه ، أوّلاً : باحتمال عدم تمكنه من الإثبات بموت الشهود ، ولا من التورية ، إمّا لعدم علمه بشرعيتها ، أو لعدم اهتدائه إلى طريق معرفتها.
وثانياً : بمخالفة الحكم بالنكول بمجرده أو بعد ردّ اليمين إلى المدّعى الأصل ، فلا يجوز إلاّ بعد قيام دليل شرعي ، وليس قيامه بجلي مطلقاً ولو قلنا بأنّ السكوت نكول ، فإنّ كلية الكبرى ممنوعة ؛ إذ لا دليل عليها مطلقاً حتى في صورة النكول بعد الإنكار إلاّ الإجماع ، فإنّه الذي أجاز لنا ثمة الحكم على المنكر بعد إحلاف المدّعى ، ولولاه لتوقفنا فيه بلا شبهة ، وهو مفقود في المسألة كما هو واضح.
سيّما مع إطباق المتأخّرين كافّةً كما عرفته على اختيار القول الأوّل ، فدعواه أنّ جميع أدلة الحكم بالنكول والردّ جار فيه غير واضحة ، بل لعلها ممنوعة.
فإذاً القول الأوّل في غاية القوة ، سيّما مع دعوى جماعة (١) أنّ به رواية ، وظاهرهم كونها نصّاً في حكم المسألة ، وهي وإن لم نظفر بها كما صرح به آخرون (٢) ، إلاّ أنّ غايتها حينئذٍ أن تكون مرسلة ، فتجبر كاحتمال
__________________
(١) راجع ص ٩٩.
(٢) منهم الشهيد الثاني في المسالك ٢ : ٣٧٠ ، والأردبيلي في مجمع الفائدة ١٢ : ١٧٠ ، والسبزواري في الكفاية : ٢٦٩ ، والفيض الكاشاني في المفاتيح ٣ : ٢٥٤.