الرخصة في القضاء للفقهاء (١) بحكم التبادر وغيره بعارفي الكتابة منهم لا مطلقاً ، ولا مخصص له أصلا ، عدا ما قيل (٢) : من عدم اعتبار الكتابة في النبوة التي هي أكمل المناصب ومنها تتفرع الأحكام والقضاء وقد كان رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أُمّيا لا يحسنها ، كما نبّه عليه تعالى بقوله ( وَما كُنْتَ تَتْلُوا مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتابٍ وَلا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذاً لَارْتابَ الْمُبْطِلُونَ ) (٣).
وهو كما ترى ؛ لكونه بعد تسليم دلالة الآية على ذلك قياساً فاسداً لا أولوية فيه أصلاً ، بل مع الفارق جدّاً ؛ لأنّه صلىاللهعليهوآلهوسلم معصوم فبعصمته وقوّة حافظته لا يحتاج إليها.
ولأنّه صلىاللهعليهوآلهوسلم يمتنع عليه السهو والنسيان قطعاً ، خصوصاً مع نزول الوحي إليه مكرراً ، ولا كذلك القاضي من قبله ( لاضطراره ) بعدم عصمته وإمكان سهوه ونسيانه وغفلته ( إلى ما لا يتيسّر لغير النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ) المعرفة به ( إلاّ بها ) ، هذا.
وعن المبسوط أنّه صلىاللهعليهوآلهوسلم كان عالماً بها ، وإنّما كان فاقداً لها قبل البعثة (٤). وبه صرّح الحلي أيضاً ، فقال : والنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم عندنا كان يحسن الكتابة بعد النبوة ، وإنّما لم يحسنها قبل البعثة (٥). وظاهره الإجماع عليه منّا.
ويشهد له جملة من أخبارنا ، ففي مجمع البحرين عن كتاب بصائر الدرجات لمحمد بن الحسن الصفار في باب أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم كان يقرأ
__________________
(١) في « س » : للقدماء.
(٢) حكاه في التنقيح ٤ : ٢٣٦.
(٣) العنكبوت : ٤٨.
(٤) المبسوط ٨ : ١٢٠.
(٥) السرائر ٢ : ١٦٦.