وهذه النصوص أجدر بالترجيح وأولى ؛ لوجوه شتى لا تخفى.
ومنه يظهر ضعف القول المشار إليه بقوله : ( وقيل ) : إنّه ( تقبل إذا بلغ عشراً ) مطلقاً في الجنايات وغيرها ( وهو ) مع ذلك ( شاذّ ) متروك كما هنا وفي الشرائع وشرحه للصيمري (١) بحيث كاد أن يعدّ مخالفاً للإجماع ، كما تشعر به العبارات المزبورة ، مع أنّه لم ينقله غير الفاضلين ، والشهيد (٢) ، وفي شرح الشرائع للصيمري عن عميد الرؤساء (٣) أنّه إلى الآن لم نظفر بهذا القول.
ولكن في المهذّب والمسالك (٤) عن صاحب كشف الرموز أنّه حكاه عن الشيخ في النهاية. وفيه نظر ؛ فإنّ الموجود في كلامه أنّ الشيخ في النهاية حكى هذا القول (٥) ، لا أنّه حكاه عنه فيها. وقد عرفت ما يصلح دليلاً مع جوابه مفصّلاً ، وزاد الأصحاب فذكروا في ردّه وجوهاً :
منها : حديث : « رفع القلم عن الصبي حتى يبلغ » (٦) بناءً على أنّ في رفعه عنه دلالة على أنه لا عبرة بأقواله وأفعاله.
ومنها : علمه بعدم المؤاخذة له يرفع الوثوق بقوله ، فلا يحصل الظن بصدقه ؛ لعدم المانع له عن الكذب حينئذٍ.
ومنها : أنّ قوله على نفسه لا يقبل بالإقرار ، فلا يقبل على غيره بالشهادة ؛ لكونه أكثر شروطاً ؛ ولعدم التهمة في الإقرار وتجويزها في الشهادة ، فهو من باب التنبيه بالأدنى على الأعلى.
__________________
(١) الشرائع ٤ : ١٢٥ ، غاية المرام ٤ : ٢٧٤.
(٢) التحرير ٢ : ٢٠٧ ، الدروس ٢ : ١٢٣.
(٣) غاية المرام ٤ : ٢٧٤ ، وهو في كنز الفوائد ٣ : ٥٤٠.
(٤) المهذّب ٤ : ٥٠٨ ، المسالك ٢ : ٤٠٠.
(٥) كشف الرموز ٢ : ٥١٤.
(٦) عوالي اللئلئ ١ : ٢٠٩ / ٤٨.