السلام ، وفي ذلك تعطيل للأحكام الكثيرة المبتنية على وجود العدل ، وتفويت للمنافع العظيمة الدينية والدنيوية ، وتضييع للحقوق بالكلية ، وفيه من الحرج والضيق ما لا يخفى على ذي دُرْبَة ، وقد قال سبحانه ( ما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ) (١) وقال عزّ شأنه ( يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ ) الآية (٢).
خلافاً للمفيد ، والقاضي ، والحلبي ، والشيخ في العدة ، وأبي علي الطبرسي ، والحلّي (٣) ، فقالوا بقدح ذلك في العدالة ، بناءً منهم على أنّ كل ذنب كبيرة ، ولا صغيرة إلاّ بالإضافة ، وظاهر الشيخ ومن ذكر بعده كونه مجمعاً عليه بين الطائفة. وعلى هذا فلا تنافي مذهبهم الصحيحة المتقدمة.
والوجه الاعتباري المذكور بعدها قد اعترضه الحلّي بأنّه متّجه إن لم يمكن تدارك الذنب بالاستغفار ، والحال أنّه ممكن به وبالتوبة.
وفي كلّ من البناء والاعتراض نظر ، أمّا الأوّل : فلأنّ الأظهر الأشهر الذي عليه عامّة من تأخّر انقسام الذنب إلى كبيرة وصغيرة حقيقةً ؛ لما يظهر من الآية الكريمة ( إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبائِرَ ما تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ ) (٤) الآية. والنصوص المستفيضة بل المتواترة.
منها ـ زيادةً على المستفيضة المتقدمة (٥) الدالّة على تفصيل الكبائر ـ
__________________
(١) الحج : ٧٨.
(٢) البقرة : ١٨٥.
(٣) أوائل المقالات ( مصنفات الشيخ المفيد ٤ ) : ٨٣ ، المهذب ٢ : ٥٥٦ ، الكافي في الفقه : ٤٣٥ ، عدّة الأصول ١ : ٣٥٩ ، مجمع البيان ٢ : ٣٨ ، السرائر ٢ : ١١٨.
(٤) النساء : ٣١.
(٥) راجع ص ٢٥١.