وفيه إشكال ؛ إذ لا يستفاد من أدلّة المنع كونه من الكبائر ، وإنّما غايتها إفادة التحريم ، وهو أعم منه ، والأصل يلحقه بالصغائر ، فالوجه عدم ردّ الشهادة بمجرد اللبس من دون إصرار ومداومة ، كما نبّه عليه المقدس الأردبيلي (١) رحمهالله وتبعه صاحب الكفاية فقال : ولعلّ قدحه في الشهادة باعتبار الإصرار (٢).
وربما يفهم منه كون ذلك مراد الأصحاب ومذهبهم أيضاً. وهو غير بعيد ، ولا ينافيه إطلاق عبائرهم ؛ لقوة احتمال وروده لبيان جنس ما يقدح في العدالة من دون نظر إلى اشتراط حصول التكرار أو الاكتفاء فيه بالمرة الواحدة ؛ وإنّما أحالوا تشخيص ذلك إلى الخلاف في زوال العدالة بكل ذنب أو بالكبائر منها خاصّة ، وملاحظة الفقيه كلاًّ من المحرمات المزبورة مع أدلتها وأنّها ما تفيد كونها كبائر أو صغائر ؛ وعليه العمل بمفادها كيفما اقتضاه مذهبه في تلك المسألة.
واعلم أنّ المحرّمات القادح فعلها في العدالة مطلقاً أو في الجملة كثيرة ؛ وقد جرت عادة الفقهاء بذكر جملة منها في هذا الكتاب ، واقتصر الماتن منها هنا على قليل روماً للاختصار ، ومن أراد الاطّلاع على كثير منها فعليه بما عدا الكتاب من كتب الأصحاب المطوّلة كالشرائع والإرشاد والقواعد وغيرها ، وشروحها المبسوطة ، سيّما شرح الإرشاد للمقدس الأردبيلي (٣) رحمهالله فقد استوفى فيه أكثر مما استوفاه غيره.
__________________
(١) مجمع الفائدة والبرهان ١٢ : ٣٧٦.
(٢) الكفاية : ٢٨١.
(٣) الشرائع ٤ : ١٢٧ ، الإرشاد ٢ : ١٥٦ ، القواعد ٢ : ٢٣٦ ، المسالك ٢ : ٤٠٣ ، الكفاية : ٢٨٠ ، مجمع الفائدة والبرهان ١٢ : ٣٤٧.