وهو وإن أشبه التفصيل الذي ذكراه ، لكن يفترق عنه من وجه آخر ، كما لا يخفى على من تدبّره ، ولذا جعلاه قولاً آخر مقابلاً لما اختاراه.
وهذا القول وإن اشترك مع باقي الأقوال عدا المشهور في الضعف والقصور ، إلاّ أنّه أقرب إلى النصوص ، وأبعد عن التعريض بالقذف اللازم من قول الفاضل وولده.
ووجه ضعفه عدم صراحة قوله : والكذب حرام. إلى آخر ما ذكره ، في صورة الصدق في إكذاب نفسه ، وإنّما غايته الظهور الضعيف القريب من الإشعار الغير المتبادر من إكذاب النفس الوارد في النصوص.
وبالجملة : فالمذهب ما عليه المشهور.
ثم إنّ ظاهر العبارة ونحوها من عبائر الجماعة كفاية التوبة بمجردها في قبول الشهادة ، كما هو ظاهر إطلاق النصوص المتقدمة ، ولكن الآية اشترطت الإصلاح بعد التوبة ، وفسّره الأكثر بالاستمرار عليها ولو ساعة.
قال فخر الإسلام : وهذا المعنى متفق عليه ، وإنّما الخلاف في الزائد عليه وهو إصلاح العمل ، فقال ابن حمزة : يشترط مطلقاً ، أي في الصادق والكاذب. ولم يشترطه الشيخ رحمهالله في النهاية مطلقاً. وقال في المبسوط : يشترط في الكاذب لا الصادق. وهو اختيار ابن إدريس. احتجّ المصنف بأنّ الاستمرار على التوبة إصلاح والأمر المطلق يكتفى فيه بالمسمى ، ولم يشترط في الرواية المتقدمة ، بل علّق قبول الشهادة على التوبة وإكذاب نفسه. وفيه نظر ؛ لحمل المطلق على المقيد مع اتحاد القضية (١). انتهى.
وظاهره الميل إلى قول ابن حمزة ؛ لما ذكره من حمل مطلق الرواية
__________________
(١) إيضاح الفوائد ٤ : ٤٢٤.