له بارتكاب الفواحش وترك الواجبات ، وهو معلوم البطلان.
ولأنّ ذلك لو تمّ لاقتضى منع قبول شهادته على الوالدة ؛ للنهي عن معصيتها أيضاً ، ولم يقولوا به. هذا.
ولو سلّم فغايته إفادة المنع لو استلزم الشهادة عقوقاً ، بأنّ يواجه الأب بالشهادة عليه ونحو ذلك فيسخطه عليه ، وهذا لا يستلزم المنع مطلقاً ولو لم يستلزمه ، بأن شهد عليه عند الحاكم سرّاً بحيث لا يطّلع عليه أحد يخبر أباه بذلك ، فتأمّل جدّاً.
ومع ذلك فالآية المزبورة معارضة بآية أُخرى هي على الجواز أنصّ وأظهر منه دلالةً ، وهي قوله تعالى ( كُونُوا قَوّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَداءَ لِلّهِ وَلَوْ عَلى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ ) (١).
وأمّا الجواب عنها بأنّ الأمر بالإقامة لا يستلزم القبول فـ مع أنّه لا يجامع الاستدلال بالآية المتقدمة على المنع عن إقامة الشهادة يضعّف بأنّه لولا القبول لزم العبث في إقامتها ، وبأنّه معطوف على القبول وهو الشهادة على نفسه ، ومعطوف عليه القبول وهو الشهادة على الأقربين ، فلو كان غير مقبول لزم عدم انتظام الكلام ، وهو محال. هذا.
مع أنّ الأمر بالإقامة يستلزم القبول بالإضافة إلى الوالدة بلا خلاف أجده ، فيجب أن يستلزم بالإضافة إلى الوالد أيضاً ؛ لأنّهما ذكرا في كلمة واحدة.
ومع ذلك فسياق الآية زيادةً على ما مرّ إليه الإشارة كالصريح في أنّ المقصود من الأمر بالإقامة قبول الشهادة لا غيرها من نحو تذكير
__________________
(١) النساء : ١٣٥.