وهو في محلّه ، إلاّ أنّ ظاهر كلمة الأصحاب الإطباق على الحكم المزبور ، فإن تمّ حجة ، وإلاّ فالرجوع إلى العموم أولى.
إلاّ أن يمنع بتخيل أنّ ما دلّ عليه متضمن للفظ الشهادة ، وهي لغةً : الحضور ، وهو بالنسبة إلى العالم الغير المستند علمه إلى الحسّ من نحو البصر وغيره مفقود ؛ إذا يقال له عرفاً ولغةً : إنّه غير حاضر للمشهود.
واشتراط العلم المطلق فيما مرّ من الفتوى والنص غير مستلزم لكفاية مطلقه بعد احتمال أن يكون المقصود من اشتراطه التنبيه على عدم كفاية الحضور الذي لم يفد غير الظن ، وأنّه لا بُدّ من إفادته العلم القطعي ، ومحصّله أنّه لا بُدّ مع الحضور من العلم ، لا أنّ مطلقه يكفي ، هذا.
وربما كان في النبوي ونحوه (١) إشعار باعتبار الرؤية ونحوها مما يستند إلى الحسّ الظاهري ، مع أنّ القطع المستند إلى الحسّ الباطني ربما يختلف شدّةً وضعفاً ، ولذا يتخلف كثيراً ؛ فلعلّ الشاهد المستند علمه إليه يظهر عليه خلاف ما شهد به ، فكيف يطمئن بشهادته؟! وهذا الخيال وإن اقتضى عدم الاكتفاء بالعلم المستند إلى التسامع والاستفاضة فيما سيأتي ، إلاّ أنّ الإجماع كافٍ في الاكتفاء به فيه ، مضافاً إلى قضاء الضرورة ومسيس الحاجة إليه اللذين استدلوا بهما للاكتفاء به فيه ، وهذا أوضح شاهد على أنّ الأصل في الشهادة عندهم القطع المستند إلى الحسّ الظاهري اعتباراً منهم فيها للمعنى اللغوي مهما أمكنهم.
وهذا الوجه من الخيال وإن كان ربما لا يخلو عن نظر ، إلاّ أنّ غاية الإشكال الناشئ من الفتاوى والعمومات الرجوع إلى حكم الأصل
__________________
(١) المتقدمين في ص ٣٦١.