لكن الأوّل بعيد ، بل لم يقل به أحد ، فيتعين الثاني (١).
والتحقيق أن يقال : إنّ هذه المراتب خالية عن النص كما ذكره الحلّي (٢) متردّداً فيها بعد أن نقلها عن المبسوط ، فينبغي الرجوع إلى مقتضى الأُصول ، وهو ما قدّمناه من اعتبار على الفرع بشهادة الأصل من دون فرق بين الصور المتقدمة ، حتى لو فرض عدمه في صورة الاسترعاء وإن بعد باحتمال إرادة الأصل منه المزاح ونحوه لم يجز أداء الشهادة على شهادته ، ولو فرض حصوله في الصورة الرابعة التي هي عندهم أدونها جاز ، بل وجب.
وبالجملة : لا بدّ من العلم بشهادة الأصل ، فحيثما حصل تبع ، وحيث لا فلا.
وإلى هذا يشير كلام الفاضل المقداد في الشرح ، حيث قال بعد أن نقل من الماتن التردّد في المرتبة الثالثة ـ : والأجود أنّه إن حَصَلت قرينة دالة على الجزم وعدم التسامح قبلت ، وإن حصلت قرينة على خلافه كمزاح أو خصومة لم تقبل (٣).
وأظهر منه كلام المقدّس الأردبيلي رحمهالله ، فإنّه قال بعد ذكر التردّد ووجهه ـ : والأقوى أنّه إن تيقن عدم التسامح صار متحمّلاً ، وإلاّ فلا (٤).
وبالجملة : ينبغي العمل بعموم الأدلة ، ففي كل موضع يحصل اليقين بشهادة الأصل مجزوماً يقيناً بأنّ الأصل شهد بكذا وليس فيما قاله مسامحة
__________________
(١) قاله الفيض الكاشاني في المفاتيح ٣ : ٢٩٤.
(٢) السرائر ٢ : ١٣٠.
(٣) التنقيح الرائع ٤ : ٣٢٠.
(٤) مجمع الفائدة والبرهان ١٢ : ٤٧٨.