وظاهر الأوّل في المبسوط دعوى إجماعنا على الحكم في الشقّ الأوّل ، وهو الحجة فيه ، مضافاً إلى ما ذكروه فيه من إتلافهما عليه نصف المهر اللازم بالطلاق فيضمنانه.
وفي الثاني من أصالة البراءة ، وعدم تحقق إتلاف ؛ لاستقرار تمام المهر بالدخول ، والبضع لا يضمن بالتفويت على المشهور ، بل الكل كما يظهر بالتتبع ، قالوا : ومن ثَمّ لو قتلها قاتل أو قتلت نفسها لم يضمن القاتل ، ولو غصب أمةً وماتت في يده فإنّه يضمن بذلك قيمتها وقيمة منافعها وإن لم يستوفها ، دون بضعها مع عدم استيفائه (١).
وأمّا ما يتخيل وروده على تعليلهم في الشقّ الأوّل من لزوم النصف بمجرد العقد ، فليس يتضمن الشهادة إتلافه ؛ للزومه على أيّ تقدير ، فلا وجه لغرمهما له فضعيف في الغاية ، يظهر وجهه بالتدبّر فيما ذكره الأصحاب في سياق التعليل ليكون كالجواب له ، وهو أنّهما ألزماه للزوج بشهادتهما وقرّراه عليه ، وكان بمعرض السقوط بالردّة والفسخ من قبلها ، فكأنّه لم يكن لازماً ولزم بإقرارهما. وأجاب بهذا صريحاً الفاضل في التحرير (٢) بعد أن استشكل بالخيال المتقدم فيما مرّ من التعليل.
وهنا أقوال أُخر غير واضحة المأخذ ، مع ابتناء بعضها على ضمان البضع بالتفويت ، وقد عرفت ما فيه.
واعلم أنّهم أطلقوا الحكم في الطلاق من غير فرق بين البائن والرجعي ، ووجهه حصول السبب المزيل للنكاح في الجملة ، خصوصاً بعد انقضاء عدّة الرجعي ، فالتفويت حاصل على التقديرين.
__________________
(١) انظر المسالك ٢ : ٤٢٠ ، والكفاية : ٢٨٨.
(٢) التحرير ٢ : ٢١٧.