______________________________________________________
المشهور نصوص تحديد الأقل بالثلاثة أيام ، بدعوى ظهورها في الوجود المستمر ، إما لأن ورودها مورد التقدير يقتضي ذلك ، لأن المقصود تقدير الأمر الواحد ، وإما لأن الزمان المتعدد إذا أخذ ظرفاً لما هو صالح للاستمرار فالظاهر منه وحدة المظروف ، كما تظهر من ملاحظة موارد ذكر الزمان قيداً لما من شأنه الاستمرار ، مثل : « جلس زيد في المسجد ثلاثة أيام » ، فإنه ظاهر في استمرار الجلوس ثلاثة أيام ، كما أشرنا إليه آنفاً. كما أن ظهور الأقل والأكثر في التوالي وإن كان يقتضي اعتباره فيما بينهما من المراتب ـ ولازمه عدم الحكم بحيضية الدم المنفصل ، كما لو رأت خمسة دماً ثمَّ يوماً نقاء ثمَّ يوماً دماً ـ إلا أن الإجماع والنصوص اقتضيا كونه حيضا أيضا تنزيلا للنقاء المتخلل منزلة الدم ، فان ذلك لا ينافي كون أكثره عشرة متوالية ، لأن الإجماع المذكور لا يدل على أن الحيض قد يكون أكثر من عشرة متوالية ليكون منافياً له.
ثمَّ إنه قد استدل شيخنا الأعظم (ره) على اعتبار التوالي ـ مضافا إلى ذلك ـ بأصالة عدم الحيض. ويشكل بأن الأصل المذكور من قبيل الأصل الجاري في المفهوم المردد ، لأنه على تقدير اعتبار التوالي فالحيض منتف قطعاً ، وعلى تقدير عدمه فالحيض موجود قطعاً ، فالشك إنما يكون في المردد بين الأمرين ، وليس هو موضوع الأثر ليجري في نفيه الأصل كما أشرنا الى ذلك مراراً في مطاوي هذا الشرح.
ثمَّ إنه (ره) قال : « ولا يعارضها ـ يعني : أصالة عدم الحيض ـ أصالة عدم الاستحاضة ، لأنه إن قلنا بثبوت الواسطة بين الحيض والاستحاضة فلا تنافي ، إذ لا يعلم إجمالا بكذب أحدهما كي يكونا متعارضين ، وإن لم نقل بثبوت الواسطة فأصالة عدم الحيض حاكمة على أصالة عدم الاستحاضة