______________________________________________________
الفرق بينهما في صدق التجري من جهة العلم بالتكليف وإمكان الموافقة القطعية بالفحص. نعم لو فرض الرجوع إلى أصل موضوعي أو حكمي مرخص في العبادة ـ كأصالة عدم الحيض ـ كان القول بالصحة في محله ، لكن الأصل المذكور لا أصل له.
ثمَّ إنه حيث كان ظاهر النصوص ترتب وجوب الغسل والعبادة على النقاء الواقعي الذي جعل الاستبراء طريقاً اليه ، فلو بني على عدم وجوب الاستبراء المذكور يكون الأصل الجاري أصالة عدم النقاء وبقاء نبع الدم من الرحم ، وحجية مثله موقوفة على جواز إجراء الاستصحاب في التدريجيات ، كما حقق في محله.
ثمَّ إن مقتضى إطلاق النص عدم الفرق بين صورتي القدرة على الاستبراء وعدمها ، فاذا تعذر عليها الاستبراء لم يجز الرجوع إلى الأصل ولا إلى الانقطاع في إثبات النقاء وعدمه. وتخصيص النص بحال القدرة غير ظاهر كما تقدم في الاشتباه بالعذرة وغيرها.
ومن جميع ما ذكرنا يظهر لك ما في كلمات شيخنا الأعظم (ره) في طهارته ، حيث قال : « والانصاف أنه لو لا فتوى الأصحاب بالوجوب كانت استفادته من هذه الأخبار مشكلة ، لأن بعضها مسوق لبيان وجوب ذلك عند إرادة الاغتسال ، فيحتمل الإرشاد لئلا يظهر الدم فيلغو الاغتسال ويحتمل الاشتراط شرعاً ، إما لأن الأصل بقاء الحيض ، وإما لتحصيل الجزم ببراءة الرحم تعبداً وإن قلنا بأصالة عدم حدوث الدم في الرحم » ، وظاهره أن الوجوب الذي أفتى به الأصحاب نفسي ، وقد عرفت الاشكال فيه. كما أن صريحه احتمال الإرشاد إلى أمر عرفي ، وأن أصالة بقاء الحيض تقتضي بطلان الغسل بدون الاستبراء ، وأنه يحتمل اعتبار الجزم