لا شريك له فيتجلّى لهم الرّبّ عزّ وجلّ فيقول : انا ربّكم ؛ فتهيّئوا ان يبطشوا (١) به ، فيقولون : بيننا وبينه علامة ، فيقول : ما هى؟ ـ فيقولون : يوم يكشف عن ساق ، فيتجلّى لهم بالنّورانيّة فيعرفون فيخرّون سجّدا ، ومعنى قوله : يكشف عن ساق أى عن شدّة ؛ فهذا هو الوجه ليس ما تأوّلوه.
ورووا أنّ كعب الأحبار رأى جرير بن عبد الله البجليّ واضعا احدى رجليه
__________________
ما كنتم تعبدون؟ ـ فيقولون : الله ، فيقال لهم : هل تعرفونه؟ ـ فيقولون : ان عرفنا نفسه عرفناه ، فعند ذلك يؤذن لهم فى السجود بين كل مؤمنين منافق فتقصم ظهورهم عن السجود ثم قرأ هذه الآية : ويدعون الى السجود فلا يستطيعون.
وأخرج اسحاق بن راهويه فى مسنده وعبد بن حميد وابن أبى الدنيا والطبرانى والاجرى فى الشريعة والدارقطنى فى الرؤية والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقى فى البعث عن عبد الله بن مسعود عن النبي ( صلعم ) قال : يجمع الله الناس يوم القيامة وينزل الله فى ظلل من الغمام فينادى مناد يا ايها الناس : ألم ترضوا من ربكم الّذي خلقكم وصوركم ورزقكم ان يولى كل انسان منكم ما كان يعبد فى الدنيا فيتمثل لمن كان يعبد عيسى شيطان عيسى ، ويتمثل لمن كان يعبد عزيرا شيطان عزير حتى يتمثل لهم الشجرة والعود والحجر ويبقى أهل الاسلام جثوما فيتمثل لهم الرب عز وجل فيقول لهم : ما لكم لم تنطلقوا كما انطلق الناس؟ ـ فيقولون : ان لنا ربا ما رأيناه بعد ، فيقول : فبم تعرفون ربكم ان رأيتموه؟ ـ قالوا : بيننا وبينه علامة ان رأيناه عرفناه قال : وما هى؟ ـ قالوا : يكشف عن ساق فيخر كل من كان يسجد طائعا ساجدا ، ويبقى قوم ظهورهم كصياصى البقر يريدون السجود فلا يستطيعون ( الحديث ) ».
أقول : من أراد التفصيل فليراجع الدر المنثور فان المقام لا يسع اكثر من ذلك والحديث ورد بطرق عديدة وبعبارات مختلفة فى كثير من أبواب كتب الاخبار أيضا.
__________________
(١) كذا فى النسخة فعلى هذا يكون « تهيئوا » ماضيا ويمكن ان يقرأ بصيغة الامر ويكون جزء قوله : « انا ربكم » فحينئذ لا يستقيم الكلام الا بان يقرأ « تبطشوا » بالتاء حتى يكون صيغة الخطاب والصحيح : « فيتهيئون ».