ورووا أنّ النّبيّ ـ صلىاللهعليهوآله ـ حلّل أشياء بعينها بغير ناسخ ومنسوخ ، وكذلك أصحابه ، أحدهم يحلّ فرجا والآخر يحرّمه ؛ فاذا قلنا : ويحكم هذا تناقض
__________________
الآيتين ما فيه كفاية وأما تفسير الآيتين بوجه لا ينافى عصمة آدم عليه السلام فهو مذكور فى كتاب تنزيه الأنبياء لعلم الهدى فمن اراد التفصيل فليراجعه وأما بنحو الاجمال فهو مذكور فى مجمع البيان للطبرسى وفى روض الجنان لابى الفتوح الرازى وسائر التفاسير المعتبرة فلنشر الى بعض ما ذكره الطبرسى وهو انه قال فى ذيل هذه الفقرة من الآية ( جَعَلا لَهُ شُرَكاءَ فِيما آتاهُما ) ما نصه :
« اختلف فى من يرجع الضمير الّذي فى « جعلا له » على وجوه ( فخاض فى بيان الوجوه الى ان قال ) ورابعها ما روته العامة انه يرجع الى آدم وحواء وانهما جعلا لله شركاء فى التسمية وذلك أنهما أقاما زمانا لا يولد لهما ، فمر بهما ابليس ولم يعرفاه فشكوا إليه فقال لهما : ان أصلحت حالكما حتى يولد لكما ولد أتسميانه باسمى؟ ـ قالا : نعم وما اسمك؟ ـ قال الحارث ؛ فولد لهما فسمياه عبد الحارث ذكره ابن فضال. وقيل : ان حواء حملت اوّل ما حملت فأتاها ابليس فى غير صورته فقال لها : يا حواء ما يؤمنك ان يكون ما فى بطنك بهيمة؟ فقالت لآدم : لقد أتانى آت فأخبرنى أن الّذي فى بطنى بهيمة وانى لاجد له ثفلا فلم يزالا فى هم من ذلك ثم أتاها فقال : ان سألت الله ان يجعله خلقا سويا مثلك وبسهل عليك خروجه أتسميه عبد الحارث؟ ـ ولم يزل بها حتى غرها فسمته عبد الحارث برضى آدم وكان اسم ابليس عند الملائكة الحارث.
وهذا الوجه بعيد تأباه العقول وتنكره فان البراهين الساطعة التى لا يصح فيها الاحتمال ولا يتطرق إليها المجاز والاتساع قد دلت على عصمة الأنبياء فلا يجوز عليهم الشرك والمعاصى وطاعة الشيطان فلو لم نعلم تأويل الآية لعلمنا على الجملة ان لها وجها يطابق دلالة العقل فكيف وقد ذكرنا الوجوه الصحيحة الواضحة فى ذلك ؛ على ان الرواية الواردة فى ذلك قد طعن العلماء فى سندها بما هو مذكور فى موضعه ولا نحتاج الى اثباته فان الآية تقتضى أنهم أشركوا الاصنام التى تخلق ولا تخلق لقوله تعالى : ( أَيُشْرِكُونَ ما لا يَخْلُقُ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ ) ؛ وفى خبرهم أنهما أشركا ابليس اللعين فيما ولد لهما بأن سموه عبد الحارث