ليس (١) إلّا ما كان بلحاظه (٢) يصح انتزاعه ، وبدونه لا يكاد يصح اختراعه عنده ، فيكون دخل كل من المقارن (٣) وغيره بتصوره ولحاظه وهو (٤) مقارن ، فأين انخرام القاعدة العقلية في غير المقارن ، فتأمّل تعرف.
وأما الثاني (٥) فكون شيء شرطا للمأمور به ليس إلّا ما يحصّل لذات
______________________________________________________
(١) خبر ـ فإنّ ـ ، وحاصله : أنّ الدخل في الحكم الوضعي هو اللحاظ.
(٢) الضمير راجع إلى ـ ما ـ الموصولة ـ ، وضمير ـ انتزاعه واختراعه ـ إلى ـ الوضع ـ ، وضمير ـ بدونه ـ إلى ـ اللحاظ ـ ، وضمير ـ وعنده ـ إلى الحاكم.
(٣) أي : من الشرط المقارن وغيره.
(٤) أي : واللحاظ مقارن ، فلا يلزم انخرام القاعدة العقلية ، وهي اعتبار مقارنة العلة زمانا للمعلول في شيء من شرائط الحكم التكليفي والوضعي أصلا.
(٥) وهو كون الشرط المتقدم أو المتأخر شرطا للمأمور به ، وحقّ العبارة أن تكون هكذا : ـ واما الثالث ـ ، لأنّ مجرد ذكر القسم الثاني ـ وهو شرط الحكم الوضعي ـ في أثناء القسم الأوّل ـ أعني شرط الحكم التكليفي ـ لا يسوّغ التعبير عن القسم الثالث بقوله : ـ واما الثاني ـ.
وكيف كان ، فتوضيح ما أفاده في شرائط المأمور به منوط بتقديم أمر ، وهو : أنّ اتصاف الأشياء بالحسن والقبح لا يخلو عن أحد وجوه ثلاثة :
أحدها : أن يكون الشيء علة تامة للحسن والقبح ، كقبح الظلم ، وحسن العدل.
ثانيها : أن يكون مقتضيا لهما كالصدق والكذب ، فإنّ الأول مقتض للحسن والثاني مقتض للقبح ، فالحسن والقبح ذاتيان لهما بنحو الاقتضاء ، ولذا قد ينقلبان عنهما ، فيصير الحسن قبيحا ، وبالعكس.
ثالثها : أن لا يكون علة تامة ولا مقتضيا للحسن والقبح ، بل كان الاتصاف بهما بالوجوه والاعتبارات كما هو الغالب ، فإنّ المشي في الأرض لا يتصف في نفسه بحسن