فانقدح بذلك (١) أنّه لا إشكال في الموارد التي يجب في الشريعة الإتيان بالمقدّمة قبل زمان الواجب كالغسل في الليل في شهر رمضان وغيره ممّا وجب عليه الصوم (*)
______________________________________________________
(١) أي : بفعليّة وجوب ذي المقدّمة الموجبة لفعليّة وجوب مقدّماته وإن كان مشروطا بشرط متأخّر.
__________________
ما هو مختارنا ومختار بعض المحققين من الالتزام بوجوب المقدّمة في موارد النقض وأشباهها قبل وقت وجوب ذيها ، لكن لا بالوجوب المعلولي المستتبع من وجوب ذيها ، ولا بالوجوب النفسيّ الثابت لمصلحة نفسها ، ولا بالوجوب العقلي الإرشادي ، بل بوجوب أصلي ثابت بدليل مستقل مراعاة لمصلحة ذيها ، ويسمّى هذا بالوجوب التهيّئي ، لأنّ فائدته التهيّؤ والاستعداد لواجب آخر ، فهو قسم من أقسام الوجوب يشبه الوجوب النفسيّ من حيث عدم تولّده وثبوته من وجوب ذيها ، بل وبخطاب آخر ، ويشبه الوجوب الغيري المقدّمي من حيث كونه ثابتا لمصلحة غيره ، ولو فسّرنا الغيري بما كان مصلحة وجوبه ثابتا في غيره فهذا منه ، لأنّ الغيري بهذا التفسير يعم ما ثبت وجوبه بخطاب مستقل لمصلحة الغير أيضا».
(*) الصواب كما في بعض النسخ المصححة : ـ للصوم ـ ، لا ـ الصوم ـ ، فضمير ـ غيره ـ إمّا راجع إلى الغسل ، فيكون الجار أعني قوله : ـ ممّا ـ متعلّقا به ، وإمّا إلى ـ شهر رمضان ـ ، فيكون الجار متعلقا بلفظ ـ الغير ـ وبيانا له. وعلى كلا التقديرين ، ففاعل ـ وجب ـ ضمير راجع إلى الموصول ، وضمير ـ عليه ـ إلى المكلّف. وليس المقصود بالموصول هو المكلّف ، وإنّما هو على الأوّل عبارة عن أسباب الغسل ، وعلى الثاني عبارة عن غير الغسل أعني به التيمّم.
وعلى هذا ، فما في أغلب النسخ من كون عبارة المصنف (قده) : ـ الصوم ـ غير سديد ، لعدم استقامة ذلك ، لا معنى ولا تركيبا كما لا يخفى على المتأمل ، حتى مع الغض عمّا فسّرنا به العبارة ، وجعل الموصول عبارة عن المكلّف وإن كان خلاف الظاهر أيضا ، لكونه لغير من يعقل ، وجعل الصوم فاعلا ل ـ وجب ـ.