في الغد (١) ، إذ (٢) يكشف به بطريق الإنّ عن سبق وجوب الواجب ، وإنّما المتأخّر هو زمان إتيانه ، ولا محذور فيه أصلا. ولو فرض العلم بعدم سبقه (٣)
______________________________________________________
(١) وكحرمة النومة الثانية على من لا يعلم أنّه يستيقظ قبل الفجر مقدار فعل الغسل ، على ما صرّح به الشهيدان في محكيّ الذكرى والمسالك ، فإنّه لا وجه لحرمة النوم المفوّت للغسل عليه قبل مجيء زمان الغسل الّذي هو الجزء الأخير من اللّيل المتّصل بالفجر. وكوجوب المسير إلى مكّة قبل مجيء وقت الحج ، إلى غير ذلك من الموارد.
(٢) تعليل لنفي الإشكال ، وحاصله : أنّ البرهان الإنّي وهو الاستدلال بالمعلول على العلّة ينفي إشكال وجوب المقدّمة قبل مجيء وقت ذيها ، حيث إنّ وجوب المقدّمة معلول وجوب ذيها ، فيستكشف من وجوب المقدّمات قبل وقت ذيها وجوب ذيها. وضمير ـ به ـ في قوله : ـ يكشف به ـ راجع إلى وجوب المقدّمة ، وضمير ـ إتيانه ـ راجع إلى الواجب ، وضمير ـ فيه ـ في قوله : ـ ولا محذور فيه ـ راجع إلى تأخّر زمان الواجب.
(٣) أي : وجوب الواجب ، وغرضه من هذه العبارة : أنّ البرهان الإنّي المذكور مختصّ بما إذا لم يعلم بعدم وجوب ذي المقدّمة قبل مجيء وقته. وأمّا إذا علم بعدم وجوبه قبل وقته ، فلا مسرح للبرهان المزبور ، ويستحيل حينئذ اتّصاف المقدّمة بالوجوب الغيري ، لاستلزامه وجود المعلول بلا علّة ، فلو نهض دليل على وجوب المقدّمة ، فلا محالة يكون وجوبها نفسيّا ، لا غيريّا ترشّحيا ، وملاك هذا الوجوب النفسيّ هو تهيّؤ المكلّف واستعداده لإيجاب ذي المقدّمة في وقته بسبب إتيان مقدّمته ، فالفرق بين هذه المقدّمة الواجبة بالوجوب النّفسي التهيّئي وبين غيرها من المقدّمات الواجبة بالوجوب الغيري الترشّحي هو : أنّ وجوب المقدّمة في الصورة الأولى ليس معلولا لوجوب ذي المقدّمة ، بخلاف وجوب سائر المقدّمات ، فإنّه معلول له ، لكونه مترشّحا من وجوب ذيها.