مع (١) أنّ الطلب لا يكاد يسقط إلّا بالموافقة ، أو بالعصيان والمخالفة ، أو بارتفاع موضوع التكليف كما في سقوط الأمر بالكفن ، أو الدفن بسبب غرق الميّت أحيانا ، أو حرقه ، ولا يكون الإتيان بها (٢) بالضرورة من هذه الأمور غير الموافقة.
إن قلت : (٣) كما يسقط الأمر بتلك الأمور ، كذلك يسقط بما ليس بالمأمور به فيما (*) يحصل به الغرض منه (٤) ، كسقوطه (٥) في التوصّليات بفعل الغير ،
______________________________________________________
(١) هذا متمّم الإشكال ، وليس إشكالا آخر ، وغرضه من هذه العبارة : حصر مسقطات التكليف في أمور معروفة ، وهي : الامتثال ، والعصيان ، وارتفاع الموضوع ، وكون سقوط طلب المقدّمة بإتيانها بدون انتظار وجود ذي المقدّمة إنّما هو لأجل الامتثال ، دون العصيان ، أو ارتفاع الموضوع ، ولا رابع لمسقطات الأمر.
(٢) أي : المقدّمة ، يعني : أنّ سقوط الأمر المقدّمي بإتيان متعلّقه ليس إلّا لأجل الموافقة ، لا لأجل العصيان ، ولا ارتفاع الموضوع ، وهذا كاشف عن وجوب مطلق المقدّمة ، لا خصوص الموصلة.
(٣) هذا اعتراض على انحصار مسقطات الأمر في الثلاثة المتقدّمة ، وهي : الموافقة ، والمخالفة ، وارتفاع الموضوع.
ومحصل الاعتراض : أنّ هناك مسقطا رابعا للأمر ، وهو ما يسقط الأمر مع عدم كونه مأمورا به ، لوفائه بالغرض الداعي إلى الأمر ، كما في الواجبات التوصّليّة ، فإنّ الأمر فيها يسقط بفعل الغير ، كسقوط الأمر بتطهير البدن والثوب مثلا الحاصل بفعل الغير مع وضوح عدم كون فعل الغير واجبا ، فيسقط الأمر بما ليس مأمورا به ، فيمكن أن يكون المقام من هذا القبيل ، فسقوط الأمر أعم من الامتثال ، فلا يدلّ على كون مسقطه مأمورا به.
(٤) أي : من المأمور به ، وضمير ـ به ـ راجع إلى الموصول المراد به الفعل.
(٥) أي : الأمر بفعل الغير ، كما عرفت في مثال طهارة البدن الحاصلة بفعل الغير.
__________________
(*) هكذا في النسخ الموجودة ، لكن الصواب ـ ممّا ـ بدل ـ فيما ـ ، ليكون بيانا للموصول في قوله : ـ بما ليس ـ ، فكأنّه قيل : كذلك يسقط الأمر بما ليس مأمورا به من الأفعال المحصّلة للغرض القائم بالمأمور به.