وأيضا (١) لا يأبى العقل أن يقول الآمر الحكيم : ـ أريد الحج ، وأريد المسير الّذي يتوصّل به إلى فعل الواجب ، دون ما لم يتوصّل به إليه (٢) ـ ، بل (٣) الضرورة قاضية بجواز تصريح الآمر بمثل ذلك (٤) كما أنّها قاضية بقبح التصريح بعدم مطلوبيّتها له مطلقا (٥) ، أو على تقدير
______________________________________________________
الموصلة ، فيجوز أن يقول : «إنّي لا أريد المسير غير الموصل إلى مناسك الحج ، بل أريد خصوص السير الموصل إليها» ، ولو كان الواجب مطلق المقدّمة لم يكن وجه لهذا الجواز.
الثالث : أنّ الأمر تابع للغرض الداعي إليه سعة وضيقا ، كما مرّ سابقا ، والعقل يدرك أنّ الغرض من إيجاب المقدّمة ليس إلّا التوصّل بها إلى ذي المقدّمة ، فلا يحكم إلّا بوجوب خصوص الموصلة.
(١) هذا إشارة إلى البرهان الثاني.
(٢) أي : الواجب ، وضمير ـ به ـ راجع إلى الموصول المراد به المسير.
(٣) أي : الضرورة العرفيّة ، فإنّها قاضية بجواز تصريح الآمر الحكيم بعدم مطلوبيّة المقدّمة غير الموصلة ، كما أنّها قاضية بقبح التصريح بعدم مطلوبيّة مطلق المقدّمة وإن كانت موصلة ، أو بعدم مطلوبيّة خصوص الموصلة ، فإنّ جواز التصريح عرفا بترك مطلوبيّة غير الموصلة ، وقبح التصريح بعدم مطلوبيّة مطلق المقدّمة ، أو خصوص الموصلة آية عدم الملازمة عقلا بين وجوب ذي المقدّمة وبين وجوب مطلق المقدّمة ، ضرورة عدم جواز التصريح بترك مطلوبيّة مطلق المقدّمة ، أو خصوص الموصلة مع الملازمة المذكورة ، بل الملازمة تكون بين وجوب الواجب ، وبين وجوب خصوص مقدّمته الموصلة.
(٤) أي : إرادة السير الموصل إلى الحج ، وعدم إرادة السير غير الموصل إليه.
(٥) أي : مطلق المقدّمة ، وضمير ـ أنّها ـ راجع إلى الضرورة ، وضمير ـ مطلوبيّتها ـ إلى المقدّمة ، وضمير ـ له ـ إلى الآمر.