مجانا وبلا عوض (١) ، بل كان وجوده المطلق (٢) مطلوبا كالصناعات الواجبة كفائيّا [كفائيّة] التي لا يكاد ينتظم بدونها البلاد ، ويختل لولاها (٣) معاش العباد ، بل ربما يجب أخذ الأجرة عليها لذلك ـ أي لزوم الاختلال ـ ، وعدم الانتظام لو لا أخذها (٤) ، هذا (٥) في الواجبات التوصليّة.
______________________________________________________
المستفاد من الأخبار : أنّ المؤمن قد ملك على أخيه المؤمن أمورا :
منها : الدفن ، فإنّ مملوكيّة العمل للأخ المؤمن مجّانا تمنع عن أخذ الأجرة عليه ، إذ لا مملوك له حتى يأخذ بإزائه المال ، فلو أخذه كان أكلا للمال بالباطل.
ثانيهما : ما يجب فعله مطلقا من دون تقيّده بالمجانيّة ، بأن يكون الفعل بمعناه المصدري واجبا عليه سواء أخذ بإزائه الأجرة أم لا.
وبعبارة أخرى : الواجب على المكلّف حينئذ هو : مجرّد إصدار الفعل بلا نظر إلى إيجاده بدون أجرة أو معها كالواجبات النّظاميّة ، فإنّ الواجب فيها هو مجرّد إيجادها ، فأخذ الأجرة عليها جائز.
وبالجملة : فمجرّد الوجوب لا يقتضي المجانيّة حتى يقال : بحرمة أخذ الأجرة على المقدّمة ـ بناء على وجوبها ـ ، وعدم حرمته ـ بناء على عدمه ـ ، بل لا بدّ من التفصيل المزبور ، بأن يقال : إنّ المقدّمة إن كانت من القسم الأوّل من الواجبات فلا يجوز أخذ الأجرة عليها. وإلّا فيجوز ، لبقاء العمل على المملوكيّة ، كالصناعات ، وعدم سلبها عنه ، فلا مانع من أخذ الأجرة عليه.
(١) هذا إشارة إلى القسم الأوّل من الواجبات.
(٢) أي : غير المقيّد بالمجانيّة. وهذا إشارة إلى القسم الثاني من الواجبات.
(٣) هذا الضمير وضمير ـ بدونها ـ راجعان إلى الصناعات.
(٤) أي : الأجرة ، يعني : يجب أخذ الأجرة إذا توقّف النظام عليه ، كما هو الغالب في الواجبات النظاميّة. وضمير ـ عليها ـ راجع إلى الصناعات.
(٥) يعني : ما ذكرناه من جواز أخذ الأجرة إنّما هو في الواجبات التوصّليّة