وثانيا (١) : لا يكاد يلزم الاجتماع أصلا ، لاختصاص (٢) الوجوب بغير المحرّم في غير صورة الانحصار به (٣). وفيها (٤) اما لا وجوب للمقدّمة ، لعدم وجوب
______________________________________________________
(١) هذا هو الإيراد الثاني ، وحاصله : أنّه لا يلزم اجتماع الوجوب والحرمة في المقدّمة المحرّمة حتى على القول بالوجوب ، وذلك لأنّ المقدّمة إن كانت منحصرة في الفرد المحرّم منها ، كانحصار المركوب في الدّابّة المغصوبة مثلا ، فلا محالة تقع المزاحمة حينئذ بين وجوب ذي المقدّمة كالحج في المثال ، وبين حرمة مقدّمته كالركوب.
فعلى تقدير أهميّة وجوب الحج من حرمة مقدّمته لا تتّصف إلّا بالوجوب ، فلا حرمة لها حتى تتّصف بالوجوب والحرمة معا. وعلى تقدير أهميّة حرمة المقدّمة من وجوب الحج لا تتّصف المقدّمة إلّا بالحرمة.
فعلى التقديرين : لا يجتمع الوجوب والحرمة في المقدّمة حتى تندرج في مسألة اجتماع الأمر والنهي.
وإن لم تكن المقدّمة منحصرة في الفرد المحرّم ، كما إذا كان في المثال دابّتان محرمة ومباحة ، فلا تتّصف المقدمة المحرمة بالوجوب ، لأنّ حرمتها تمنع عن سراية الوجوب الغيري إليها ، حيث إنّ المانع الشرعي كالعقلي. وإنّما يسري الوجوب الغيري إلى الدابّة المباحة ، فتكون هي المقدّمة الواجبة ، دون المحرّمة.
فالمتحصل : أنّ المقدمة في كلتا صورتي الانحصار بالمحرّم وعدمه لا تتصف بالوجوب والحرمة معا حتى تعدّ من صغريات مسألة الاجتماع.
(٢) تعليل لقوله : ـ لا يكاد يلزم الاجتماع ـ ، وقد عرفت آنفا توضيحه.
(٣) أي : بالمحرم ، يعني : أنّ وجوب المقدّمة لا يسري إلى الفرد المحرم مع وجود المباح.
(٤) أي : في صورة الانحصار إمّا لا وجوب للمقدّمة ، لأهميّة حرمتها من وجوب ذيها ، فتكون المقدّمة محرمة لا غير. وإمّا لا حرمة للمقدّمة ، لأهميّة وجوب ذيها الموجبة لارتفاع الحرمة عنها ، فالمقدّمة حينئذ واجبة فقط.