الملازمة ، أو عدمها أزليّة (١). نعم (٢) : نفس وجوب المقدّمة يكون مسبوقا بالعدم (٣) ، حيث يكون حادثا بحدوث وجوب ذي المقدّمة ، فالأصل عدم وجوبها.
وتوهم (٤) عدم جريانه ، لكون وجوبها على الملازمة من قبيل لوازم
______________________________________________________
«شريك الباري موجودا ، لكان العالم فاسدا» ، فالملازمة بين وجوب الواجب ومقدّمته أو عدمها ثابتة عند العقل ، وليست مسبوقة بالعدم ، لأنّ وجوب الواجب إمّا وجد مع الملازمة ، أو وجد لا معها ، فليست لها حالة سابقة حتى تستصحب.
(١) لما عرفت : من عدم دورانها مدار وجود الطرفين ، ولا إمكانهما.
(٢) وأما المقام الثاني ، وهو الجهة الفقهيّة أعنى : وجوب المقدّمة الّذي أشار إليه بقوله : ـ نعم ـ ، فملخصه : أنّه وإن لم تكن الملازمة ممّا له حالة سابقة ، إلّا أنّ أثرها ـ وهو وجوب المقدّمة ـ ممّا يكون له حالة سابقة ، وهي : عدم الوجوب ، حيث إنّ السير لم يكن واجبا قبل وجوب الحج ، فإن وجب ، فإنّما يجب بوجوب الحج ، فإذا شككنا في وجوب السير بعد وجوب الحج ، فيجري فيه استصحاب عدم وجوبه.
والحاصل : أنّ الأصل لا يجري في الملازمة الّتي هي مسألة أصوليّة ، لكنها تجري في المسألة الفقهيّة.
(٣) أي : العدم النعتيّ ، لصحّة أن يقال : هذا السير لم يكن قبل وجوب الحج واجبا قطعا ، والآن يشكّ في وجوبه ، فالأصل عدمه.
(٤) هذا إشكال على جريان الاستصحاب في عدم وجوب المقدّمة.
وملخصه : اختلال بعض شرائط الاستصحاب الموجب لعدم جريانه في المقام.
توضيحه : أنّه يعتبر في الاستصحاب أن يكون مجراه مجعولا شرعيّا تكليفيّا ، كالوجوب ، والحرمة ، والاستحباب ، والكراهة ـ بناء على جريانه في الأحكام التكليفيّة ـ ، أو وضعيّا ، كالملكيّة ، والزوجيّة ، ونحوهما ، أو موضوعا لحكم شرعي ، كالعدالة ، والاجتهاد ، ونحوهما من الموضوعات الّتي يترتّب عليها أحكام شرعيّة ، فلا يجري الاستصحاب فيما لا يكون بنفسه مجعولا شرعيّا ، ولا موضوعا لأثر شرعيّ