أنّ الأمر النفسيّ إنّما يكون متعلّقا بالسبب ، دون المسبّب. مع (١) (*) وضوح
______________________________________________________
هي شرط ، بل المبحوث عنه هو الوجوب الترشّحي. والبرهان المزبور لا يقتضي وجوب السبب ترشّحيّا ، إذ ليس وجوبه على هذا للتوصّل به إلى واجب آخر ، وإنّما وجوبه نفسيّ ، وأين الوجوب النفسيّ من الغيري؟
(١) هذا جواب آخر عن البرهان المزبور ، وحاصله : عدم تسليم صرف الأمر بالمسبّب إلى السبب لأجل عدم مقدوريّة المسبب.
توضيحه : أنّ القدرة المعتبرة في التكاليف أعمّ من المباشريّة والتسبيبيّة ، فالأمر بالإحراق صحيح ، لكونه مقدورا بواسطة الإلقاء ، ولا موجب لصرفه عن الإحراق إلى سببه وهو الإلقاء. ولا دليل على اعتبار خصوص القدرة المباشريّة في الخطابات ، بل بناء العقلاء على اعتبار مطلق القدرة فيها.
__________________
(*) هذا ما ذكره جماعة منهم صاحب المعالم ، وجعله في البدائع أوّل الأجوبة.
ولا يخفى أنّ الأنسب تقديم الجواب الثاني على الأوّل بأن يقال : «إنّ في الاستدلال المزبور : أوّلا : عدم تماميّته في نفسه ، لابتنائه على عدم مقدوريّة المسبّب وهو فاسد ، لكونه مقدورا مع الواسطة ، فلا وجه لصرف الأمر المتعلّق بالمسبّب إلى السبب ، بل المسبّب واجب نفسي ، ويكون مقدّمته الّتي هي سبب كسائر المقدّمات من الشرط وغيره داخلة في محلّ النزاع من دون خصوصيّة للمقدّمة الّتي هي سبب.
وثانيا : ـ بعد تسليم عدم مقدوريّة المسبّب ـ أجنبيّته عن المدّعي ، لأنّ مقتضى الدليل كون وجوب السبب نفسيّا ، وهو غير الوجوب الترشّحي التّبعي المبحوث عنه.
وثالثا : أنّ الدليل المزبور لو تمّ لجرى أيضا في الجزء الأخير من الشروط ، كما لا يخفى». وقد عدّ هذا الوجه في البدائع ثاني الأجوبة.
بل مقتضى الدليل المذكور : وجوب كلّ فعل مباشري سواء أكان سببا ، أم شرطا ، أم معدّا ، لكون الجميع مقدورا بلا واسطة.