لا تقتضي (١) تقدّم ارتفاع أحدهما في ثبوت الآخر ، كذلك في المتضادّين ،كيف (٢) (*)
______________________________________________________
النقيضين اللّذين يكون التقابل فيهما أشدّ وأقوى منه في غيره من أقسام التقابل كما لا تقتضي تقدّم ارتفاع أحدهما في تحقّق الآخر ، بل يكونان في رتبة واحدة ، كذلك لا تقتضي المنافاة بين الضدّين اللّذين يكون تقابلهما أخف من تقابل المتناقضين تقدّم عدم أحدهما على وجود الآخر.
والحاصل : أنّ المنافاة بين الضدّين كالمنافاة بين النقيضين في عدم اقتضائها اختلاف الرتبة ، فلا تصحّ دعوى مقدّميّة عدم أحد الضدّين لوجود الآخر بمجرّد التنافي بين الضدّين ، لأنّ التنافي بينهما ليس بأشد وأقوى من التنافي بين المتناقضين.
(١) لما تقرّر في محله : من أنّ نسبة المحمول الأوّلي ـ وهو الوجود والعدم ـ إلى الماهيّة على حد سواء من دون تقدّم لأحدهما على الآخر.
(٢) محصّل هذا الإشكال : لزوم الدّور ، وهو إيراد آخر على توهّم مقدّميّة عدم أحد الضدّين لوجود الآخر.
ولمّا كان هذا مأخوذا من حاشية المحقّق التقي (قده) على المعالم ، فلا بأس بنقل عبارته ، وهي هذه : «ثانيها : أنّه لو كان كذلك ، لزم الدور ، فإنّه لو كان فعل الضدّ من موانع فعل الواجب كان فعل الواجب مانعا منه أيضا ، ضرورة حصول المضادّة من الجانبين. وكما أن ترك المانع من مقدّمات حصول الفعل ، فكذا وجود المانع سبب لارتفاع الفعل ، فيكون فعل الواجب متوقّفا على ترك الضّد ، وترك الضد متوقّفا على فعل الواجب ، ضرورة توقّف المسبّب على سببه ، غاية الأمر : اختلاف
__________________
(*) هذا أيضا أحد الوجوه الأربعة الّتي أوردها في حاشية المعالم على مقدّميّة عدم أحد الضّدّين لوجود الآخر ، وحكاه في البدائع عن سلطان العلماء.
والفرق بين الإيرادين : أنّ مرجع أوّلهما إلى : إنكار المقدّميّة ، لاتّحاد رتبة عدم أحد الضّدّين مع وجود الآخر. ومرجع ثانيهما إلى : استحالة المقدّمية ، للزوم الدور.