والمانع الّذي يكون موقوفا على عدم (*) الوجود هو ما كان ينافي ويزاحم المقتضي في تأثيره ، لا ما يعاند الشيء ويزاحمه في وجوده (١) (**).
______________________________________________________
(١) يعني : كما في الضّدّين ، فإنّ كلّا منهما يعاند الآخر في وجوده ، ولا يزاحم ما يقتضي وجوده ، فالسّواد المتلوّن به المحل وإن كان يعاند وجود البياض فيه ، إلّا أنّه لا يزاحم مقتضية ، بحيث يمنعه عن تأثيره في المقتضى ـ بالفتح ـ وهو وجود البياض. قال في البدائع : «فإنّ وجود شيء منهما لا يمنع عن تأثير مقتضي الآخر ، بل يرتفع بمجرد مقتضية ، فيكون ارتفاعه ووجود ضدّه مستندين إلى نفس المقتضي ، وهذا يدلّ على أنّ صرف التضاد لا يوجب التمانع ، إذ المانع من شأنه منع تأثير المقتضي ، ومع عدم المنع كيف يكون مانعا».
__________________
(*) الظاهر : سقوط الضمير ، فحقّ العبارة أن تكون هذا : «على عدمه الوجود».
(**) وممّا يشهد بعدم مقدّميّة عدم أحد الضّدّين لوجود الآخر : ما أفاده في البدائع من : «أنّه يجوز أن يكون عدم أحد الضّدين ووجود الآخر معلولي علّة واحدة ، كالحرارة ، والبرودة ، والموت ، والحياة ، والنور ، والظلمة ، والحركة ، والسكون ، فإنّ علّة وجود الحرارة مثلا هو علّة عدم البرودة ، وهكذا. فالضدّيّة شيء ، والمانعيّة شيء آخر لا ملازمة بينهما ، فالحكم بالمانعيّة بمجرّد الضّديّة لا سبيل إليه ، ولا دليل عليه ، سوى أنّهما لا يجتمعان. وقد سبق غير مرّة : أنّ عدم الاجتماع أعم من التمانع».
وجه الشهادة : أنّ عدم الضّد حينئذ يكون في رتبة وجود الضّد الآخر ، إذ المفروض كونهما معلولين لعلّة واحدة ، ووحدة الرتبة بين المعلولات المتعدّدة لعلّة واحدة واضحة ، لأنّ تأثيرها في معلولها المتعدّد على نسق واحد. كوضوح تقدّم رتبة أجزاء العلّة الناقصة ـ الّتي منها عدم المانع ـ على المعلول.
وعليه : فيلزم في الصورة المذكورة عرضيّة أجزاء العلّة للمعلول ، ولا يمكن