.................................................................................................
______________________________________________________
.................................................................................................
__________________
أقول : دلالة الحديث على ذلك منوطة بإرادة عدم البيان من السكوت ، لأنّ المعنى حينئذ هو : «أنّ لله تعالى أحكاما واقعيّة قد أنشأها ، لكنّه لم يبلّغها ولم يبيّنها نسيانا». بخلاف ما إذا أريد من السكوت : عدم التشريع مع اقتضاء المصالح والمفاسد له ، كما هو الظاهر بقرينة قوله عليهالسلام : «انّ الله حدّ حدودا ، فلا تعتدوها ، وفرض فرائض فلا تنقصوها ، وسكت عن أشياء» الحديث ، فإنّ مقابلة السكوت لتحديد الحدود ، وفرض الفرائض تقتضي السكوت عن التشريع والإنشاء ، في قبال تشريع الحدود والفرائض.
فالمراد من الحديث ـ والله العالم ـ هو : أنّ جملة من الأشياء كانت مشتملة على ملاكات مقتضية لتشريع أحكام إلزاميّة ، لكنه تعالى شأنه لم يشرّع تلك الأحكام لا لأجل الغفلة والنسيان ، بل للرحمة والامتنان ، فمصلحة التسهيل صارت مانعة عن جعل تلك الأحكام الإلزاميّة ، وإنشائها.
ومن المعلوم : أنّ هذا المعنى أجنبيّ عمّا أرادوا إثباته بالحديث المزبور ، من جعل الأحكام وإنشائها ، وعدم بلوغها إلى مرتبة الفعليّة.
وبالجملة : فظاهر هذه الرواية عدم الإنشاء ، لا عدم الفعليّة.
نعم لا بأس بالاستدلال على عدم الفعليّة بما دلّ على تفويض بيان جملة من الأحكام إلى الإمام الثاني عشر عجل الله تعالى فرجه لأنّه صلوات الله عليه يبلّغ الأحكام الّتي أنشأها الله عزوجل ولم تقتض المصلحة تبليغها إلى العباد ، فإنّ تلك الأحكام واقعيّة إنشائيّة ، لا فعليّة.
أما كونها منشأة ، فلأنّ الإمام عليهالسلام مبلّغ للأحكام ، لا مشرّع لها.
وأما عدم فعليّتها ، فلأنّ المفروض عدم بلوغها إلى العباد ، كما لا يخفى.