.................................................................................................
______________________________________________________
.................................................................................................
______________________________________________________
فمع التمكّن منه ـ ولو بعصيان خطاب آخر ـ يصير خطاب الوضوء فعليّا ، إذ القدرة المعتبرة في الوضوء ونحوه من المركبات تدريجيّة تحصل بالاغتراف تدريجا ، فكأنّه قيل : «إن عصيت حرمة التصرف في المغصوب وآنية الذهب أو الفضة ، فتوضّأ» وهكذا يقال له في كل غرفة.
وبالجملة : ففرع الوضوء مترتّب على الترتّب في بعض الصور ، لا مطلقا.
وأمّا غيره من الفروع المتقدّمة ، فلا يترتّب على الترتّب أصلا. فلا يصح جعلها برهانا إنّيّا على وقوع الترتّب. لكن في البرهاني اللمي المتقدّم غنى وكفاية.
ثم إنّ هنا أمورا ينبغي التنبيه عليها.
الأوّل : أنّه قد نسب إلى جماعة من المحقّقين كشيخنا الأعظم الأنصاري وتلميذه المحقق السيد الشيرازي ، وغيرهما قدس الله تعالى أسرارهم : عدم صحّة الوضوء في موارد وجوب التيمّم ، بدعوى : أنّ القدرة دخيلة في ملاك الوضوء استنادا إلى قوله تعالى : «فلم تجدوا ماء فتيمّموا صعيدا طيّبا» (النساء الآية ٤٣ ـ المائدة الآية ٦). بناء على إرادة عدم التمكّن من عدم الوجدان ، ومع فقدان الملاك لا خطاب بالوضوء أيضا ، فلا مورد هنا للترتّب حتى يصح به الوضوء ، بأن يقال : إنّ وجوبه مترتّب على عصيان وجوب التيمّم ، فلا خطاب ولا ملاك للوضوء حتى يمكن تصحيحه بهما ، أو بأحدهما ، هذا.
ولكن فيه ما لا يخفى ، إذ جعل قوله تعالى : (فَلَمْ تَجِدُوا ماءً (١) بمعنى : عدم التمكّن تأويل بلا شاهد ، بل الآية المباركة قد دلّت على حكم فقدان الماء ، والروايات قد تضمّنت ارتفاع وجوب الوضوء في موارد الحرج ، والخوف ونحوهما ، وقد قرر في محلّه : أنّ الأحكام الامتنانيّة لا ترفع إلّا الإلزام ، وأمّا المصلحة ، فهي باقية على حالها.
وعليه : فمن تحمّل المشقّة والحرج وتوضّأ صحّ وضوؤه بلا إشكال ، لفرض وجود
__________________
(١) النساء الآية ٤٣ ـ المائدة الآية ٦.