ولا جعل (١) الطلب متعلقا بنفس الطبيعة ، وقد (٢) جعل وجودها غاية لطلبها.
وقد عرفت (٣) أنّ الطبيعة بما هي هي ليست إلّا هي لا يعقل أن يتعلق
______________________________________________________
(١) معطوف على ـ ما ـ في قوله : «ما هو صادر» ، يعني : ولا يريد جعل الطلب متعلّقا بنفس الطبيعة لأجل أن توجد حتى يكون وجودها غاية لطلبها ، وقد ارتكب المتوهّم هذا التكلّف ، لدفع محذور طلب الحاصل.
(٢) الواو للحاليّة ، يعني : والحال أنّ الطالب قد جعل الوجود غاية لطلبها.
(٣) غرضه من ذلك : ما ذكره قبيل هذا بقوله : «لا أنّها بما هي هي كانت متعلّقة له» ، وقد أشار بقوله : «وقد عرفت» إلى : دفع توهّم جعل الطلب متعلّقا بالطبيعة على أن يكون وجودها غاية لطلبها.
ومحصل الدفع : أنّ الطبيعة من حيث هي لا تصلح لأن يتعلّق بها الطلب ، لأنّ الغرض الداعي إلى الطلب قائم بوجود الطبيعة ، لا بنفسها ، فلا بدّ من تعلّق الطلب بوجودها ، لا جعل الوجود علّة غائيّة لطلبها ، بل يطلب المولى وجود الطبيعة لحصول الملاك في الخارج ، فالطلب يتعلّق بوجود الطبيعة ، وحصول الملاك في الخارج غاية لهذا الطلب ، فيعود ـ على هذا ـ محذور طلب الحاصل.
__________________
فيه قاعدة الاشتغال ، حيث إنّ الفرد مقدّمة لوجود الطبيعة المأمور بها ، وليس بنفسه مأمورا به.
الخامسة : حصول الفسق بترك واجب ـ بناء على تعلّق الأوامر بالأفراد ـ وتحقق الإصرار بترك واجبات ضمنيّة ، وعدم اختصاصه بترك واجبات استقلاليّة ، حيث إنّه يصدق الإصرار حينئذ على ترك واجب ، لكون المفروض وجوب لوازم الوجود ، فتركها ترك لواجبات ضمنيّة.
السادسة : حصول البرء بإتيان واجب ـ كالصلاة ـ فيما إذا نذر الإتيان بواجبات مطلقا وإن كانت ضمنيّة ، فإنّه يحصل الوفاء بالنذر بالإتيان بواجب ، ضرورة حصول واجبات ـ بناء على تعلق الأوامر بالأفراد ـ. بخلاف البناء على تعلّقها بالطبائع ، فإنّ الواجب واحد ، وهو نفس الطبيعة بوجودها السّعي ، فلا يحصل بها البرء.