الأحكام ، ضرورة (١) أنّ ثبوت كلّ واحد من الأحكام الأربعة الباقية بعد ارتفاع الوجوب واقعا (٢) ممكن ، ولا دلالة لواحد من دليلي الناسخ أو المنسوخ بإحدى الدلالات على تعيين واحد منها (٣) كما هو أوضح من أن يخفى (٤) ، فلا بد للتعيين من دليل آخر (٥). ولا مجال (٦) لاستصحاب الجواز إلّا بناء على جريانه في القسم
______________________________________________________
خصوص واحد من تلك الأحكام ، ومن المعلوم : عدم إمكان الحكم بلا دليل ، فلا بدّ لتعيين حكم للمورد من دليل آخر غير دليلي الناسخ والمنسوخ.
(١) هذا تقريب عدم دلالة دليلي الناسخ والمنسوخ على أحد الأحكام الباقية بعد ارتفاع الوجوب ، وقد عرفت آنفا توضيحه.
(٢) قيد لقوله : «ثبوت كل واحد ... إلخ».
(٣) أي : من الأحكام الأربعة الباقية.
(٤) لما مرّ : من وجه عدم تعرّض شيء من دليلي الناسخ والمنسوخ لتعيين واحد من تلك الأحكام الباقية.
(٥) غير دليلي الناسخ والمنسوخ.
فالمتحصل : عدم دلالة دليل اجتهادي علي تعيين أحد الأحكام الأربعة الباقية ، فما قيل : من رجوع الحكم السابق بالأمر في غاية الغموض ، لعدم دليل عليه.
(٦) هذا شروع في التمسّك بالأصل بعد فقد الدليل الاجتهادي ، وحاصله : أنّه يمكن إثبات الجواز بعد نسخ الوجوب بالاستصحاب ، بأن يقال : إنّ الجواز الّذي كان قبل النسخ ثابتا ، وصار مشكوك البقاء بعد النسخ يستصحب ، فيحكم ببقاء الجواز بعد ارتفاع الوجوب. فدليل كلّ من الناسخ والمنسوخ وإن كان قاصرا عن إثبات الجواز بعد النسخ ، لكن يمكن إبقاؤه بعده بالاستصحاب ، هذا.
ولكن أورد عليه المصنف (قده) بما حاصله : أنّ هذا الاستصحاب لا يجري ، لكونه من القسم الثالث من أقسام استصحاب الكلّي ، حيث إنّ الجواز لمّا كان تحصّله بما عدا الحرمة من الأحكام الأربعة الباقية ، فإذا علم بارتفاع محصّله