.................................................................................................
______________________________________________________
.................................................................................................
__________________
ترجيح بلا مرجّح ، فلا بدّ من أن يتعلّق بالجميع كالوجوب العيني ، ولا فرق بينهما من هذه الحيثيّة. فالتكليف كالمكلف به متعدّد في كلّ من الوجوب العيني والكفائي ، فكما يتعلّق الوجوب العيني المتوجّه إلى كلّ واحد من المكلّفين بفعل نفسه لا بفعل غيره ، فكذلك الوجوب الكفائي ، فإذا امتثل الكلّ استحقّوا الثواب ، وإذا عصوا استحقّوا العقاب ، بمعنى : استحقاق كلّ واحد منهم عقابا مستقلّا ، كما في الواجبات العينيّة.
فالفرق بين العيني والكفائي هو : أنّه إذا بادر أحدهم إلى الامتثال سقط عن الباقين في الكفائي ، دون العيني. ومنشأ هذا الفرق هو : ارتفاع موضوع التكليف بهذه المبادرة في الواجب الكفائي ، حيث إنّ موضوع وجوب التجهيز مثلا : الميّت الّذي لم يجهّز ، فتجهيزه مرّة واحدة يخرجه عن هذا الموضوع ، وإلّا فليس اختلاف في حقيقة الوجوب حتى يفرّق فيه بين العيني والكفائي ، بل الاختلاف إنّما هو في متعلّق الوجوب ، لخصوصيّة أخذت فيه ، لما عرفت : من أنّ متعلّق الوجوب الكفائي متخصّص بخصوصيّة ترتفع بمبادرة واحد منهم إلى الامتثال ، وليس متعلّق الوجوب العيني كذلك ، هذا.
ويمكن أن يفرّق بينهما أيضا من جهة أخرى ، وهي : أنّ الغرض من الواجب الكفائي واحد ، ولذا يسقط بفعل واحد منهم. بخلاف العيني ، فإنّ الغرض منه متعدّد ، ولذا لا يسقط بذلك ، ومن المقرّر : أنّ وحدة الملاك لا تقتضي تعدّد الخطاب ، بل وحدته ، إذ يلزم من تعدّده اللغويّة ، للزوم خلوّ بعض الخطابات حينئذ عن المصلحة ، ولمّا كان الملاك في الواجب العيني متعدّدا بحيث يكون لكلّ فعل من كل مكلف ملاك يخصّه ، فلا محالة يتعدّد الخطاب ، ويكون لكلّ مكلّف خطاب يختص به. بخلاف الواجب الكفائي ، فإنّ وحدة ملاكه توجب وحدة خطابه ، فلا وجه لأن يقال : إنّ الوجوب الكفائي يتعلّق بكل واحد من المكلفين على حذو تعلّق العيني به.