.................................................................................................
__________________
ثالثها : معانيها التركيبية.
رابعها : الأثر الشرعي أو العرفي المترتب على هذه الألفاظ.
أمّا الأوّل فهو أجنبي عن الإنشاء ، لأنّ وجود الألفاظ تكويني ، لا اعتباري.
وأمّا الثاني فوجودها حين استعمال الألفاظ ـ كوجودها قبله ـ ذهني ، ويعرضها الوجود اللفظي عناية ، وإلّا فالوجود اللفظي حقيقة لنفس الألفاظ.
وأمّا الثالث فهو كالثاني في إحضار المعاني التركيبية في الذّهن ، فوجود اللفظ تكويني والمعنى ذهني ، فالموجود الاعتباري الإنشائي لا بدّ أن يترتّب على قصد خصوصية ، وهي قصد تحقق المعنى في وعاء الاعتبار ، فما لم يقصد ذلك لا يتصف الكلام بالإنشاء ، فمجرّد التلفظ بلفظ واستعماله في معناه لا يكون إنشاء.
وقصد إيجاد المعنى في صقع الاعتبار تارة يكون مطلقا ، كقوله : «بعتك هذا بكذا» فإنّ القائل يوجد البيع ـ الذي هو المبادلة مثلا ـ في عالم الاعتبار بلا شرط ، فالإنشاء مطلق لا معلّق. وأخرى يكون معلّقا كالمثال المزبور ، فإنّ البائع ينشئ البيع في عالم الاعتبار معلّقا على قدوم الحاج ، بحيث لا يوجد البيع الاعتباري إلّا حين قدوم الحاج ، فقبله لا إنشاء ولا منشأ ، وحينه يوجد الإنشاء والمنشأ ، فالايجاد والوجود غير منفكّين ، نظير «إن بنيت مسجدا فصلّ فيه» فإنشاء الوجوب يكون بعد بناء المسجد ، وقبله لا وجوب ولا إنشاء ، فالتعليق في الإنشاء من الأمور المتداولة عند الشارع والعرف.
فدعوى «امتناع التعليق في الإنشاء ، وإرجاعه إلى المنشأ» في غاية الغرابة. ولعلّ المدّعي خلط بين اللفظ الذي هو موجود تكويني يمتنع تعليقه كغيره من الموجودات التكوينية ، وبين الإنشاء الذي هو أمر اعتباري كالإيجاب ، فزعم أنّ الإنشاء هو اللفظ الذي يمتنع تعليقه.
فتلخص مما ذكرنا : أنّ التعليق في الإنشاء من الأمور المتداولة عرفا وشرعا ، ولا يعقل التفكيك بين الإنشاء والمنشأ في التعليق ، ولا معنى لتعليق الإنشاء وتنجيز المنشأ ، فإنّهما كالإيجاب والوجوب والإيجاد والوجود من الاتّحاد الذاتي