.................................................................................................
__________________
والاختلاف الاعتباري. ففي المثال يكون إيجاب الصلاة ووجوبها بعد بناء المسجد ، فلا إيجاب ولا وجوب قبله.
نعم آلة الإنشاء ـ وهي اللفظ الخاص مثل «بعت» ـ توجد فعلا وجودا تكوينيّا ، وهذا الوجود أجنبي عن الإيجاد الاعتباري الذي هو مفاد الإنشاء.
وقد ظهر مما ذكرنا ـ من كون الإنشاء إيجادا اعتباريّا تابعا لاعتبار المعتبر من الإطلاق والتقييد والتنجيز والتعليق ـ فساد قياس الإيجاد الإنشائي بالإيجاد التكويني ، كإيجاد الأكل والشّرب واللّبس والضرب وغيرها من الأفعال الخارجية ، فإنّ إيجادها لا يقبل التعليق ، فإنّ الأكل يتحقق ولو لم يكن المأكول ما قصده الآكل ، كما إذا أكل شيئا معلّقا على كونه حنطة ثم تبيّن أنّه شعير ، فإنّ الأكل تحقق. فالوجود التكويني غير قابل للتعليق ، بخلاف الوجود الاعتباري ، فإنّه قابل لذلك في إنشاء الأمور الاعتبارية كالملكية والزوجية.
والحاصل : أنّ حقيقة الإنشاء إيجاد المعنى في وعاء الاعتبار ، لا إيجاد المعنى باللفظ الذي هو مقوّم الاستعمال. ومن المعلوم أنّ الإيجاد الاعتباري تابع لكيفية اعتبار معتبرة ، فإن علّقه على شيء توقّف وجوده في وعاء الاعتبار على وجود ذلك الشيء ، فلا وجه لاستحالة تعليق الإنشاء ، كما عن المحقق النائيني قدسسره ، ولا منافاته للجزم حال الإنشاء كما عن العلّامة في التذكرة ، لعدم اعتبار الجزم في الإنشاء. بل هو أمر ممكن وواقع في العرفيات والشرعيات كالوصية والتدبير والنذر ، فإنشاء العقود معلّقا مما لا مانع عنه ، لصدق العقد عرفا مع التعليق وبدونه على نسق واحد ، فاعتبار التنجيز محتاج إلى الدليل.
بل يمكن أن يقال : إنّ الجزم في الإنشاء المعلّق كالإخبار المعلّق موجود ، فإنّ الأخبار بفساد العالم على فرض تعدّد الآلهة جزمي لا ترديد فيه. وكذا الإنشاء ، فإنّ الإنشاء في قوله : «بعتك إن جاء زيد» جزمي ، إذ لا ترديد له في البيع على تقدير مجيء زيد.