.................................................................................................
__________________
وعلى فرض كون مثل هذا الإنشاء خاليا عن الجزم نمنع الكبرى وهو اعتبار الجزم في الإنشاء ، لصدق العقد والإيقاع عرفا مع الجزم ، فلو قال شاكّا في كون شخص عبده أو امرأة فلانية زوجته : «أنت حرّ لوجه الله» و «أنت طالق» فأصاب ، صدق في العرف عتق عبده وطلاق زوجته.
وكذا الحال إذا قال : «بعتك هذا المال» برجاء كونه ماله ـ وكان في الواقع ماله ـ صدق عرفا أنّه باع ماله ، فلا يعتبر الجزم في الصدق العرفي ، فاعتبار الجزم مع هذا الصدق لا بدّ أن يكون تعبّدا محضا.
وبالجملة : فالتعليق في الإنشاء خال عن المحذور.
بل لا وجه لرجوع القيد إلى المنشأ في بعض الموارد ، كما إذا أنشأ بالفعل الملك يوم الجمعة ، فإنّ لازمه جواز إنشاء الملك لشخص آخر يوم السبت ، ولثالث يوم الأحد ، نظير باب الإجارة ، فيكون الجميع مالكا بالفعل كلّ ملكية قطعة من الزمان ، مع أنّ الملك ليس متكثّرا بتكثّر الزمان ، وليس المملوك متعددا في المملوكية كالمنافع في كل يوم.
فالصواب رجوع القيد إلى الإنشاء ، وبطلان رجوعه إلى المنشإ ، لعدم تعدّد المملوك حتى ينتقل في زمان إلى شخص ، وفي غيره إلى شخص آخر. بل المملوك نفس الشيء ، والزمان ظرف له.
وأمّا إذا رجع إلى الهيئة فالتمليك لنفس الطبيعة لا مقيّدة بيوم الجمعة ، إذ المقيّد حينئذ هو نفس التمليك ، فكأنّه قال : «أوجدت يوم الجمعة ملكية المتاع الفلاني لك» فإنشاء التمليك معلّق على يوم الجمعة ، فقبله لا عقد ولا إنشاء.
والسّر في ذلك : أنّ القيد إن رجع إلى الهيئة كانت الطبيعة مطلقة. ففي المثال تكون الملكيّة مطلقة ، والتمليك مقيّدا بيوم الجمعة. فالنتيجة : أنّ في يوم الجمعة صار المتاع ملكا للمشتري ، فطبيعة المتاع صارت مملوكة له في يوم الجمعة ، فالتمليك والإنشاء معلّق على يوم الجمعة ، فقبله لا تمليك ولا عقد.