البحث
البحث في اللّباب في علوم الكتاب
فصل
قال المفسرون : اختار الله تعالى لهم مضجعا في مقناة لا تدخل عليهم الشمس ، فتؤذيهم بحرّها ، وتغيّر ألوانهم ، وهم في متّسع ينالهم برد الرّيح ، ويدفع عنهم كرب الغار.
قوله : «ذلك» مبتدأ أشأر به إلى جميع ما تقدم من قصّتهم.
وقيل : «ذلك» إشارة إلى الحفظ الذي حفظهم الله تعالى في ذلك الغار تلك المدّة الطويلة.
قوله : (مِنْ آياتِ اللهِ) العجيبة الدّالة على قدرته ، وبدائع حكمته ، و (مِنْ آياتِ اللهِ) الخبر ، ويجوز أن يكون «ذلك» خبر مبتدأ محذوف ، أي : الأمر ذلك ، و (مِنْ آياتِ اللهِ) حال. ثم بين تعالى أنه كما أبقاهم هذه المدّة الطويلة مصونين عن الموت والهلاك من لطفه وكرمه ، فكذلك رجوعهم أوّلا عن الكفر ، ورغبتهم في الإيمان كان بإعانة الله ولطفه ؛ فقال : (مَنْ يَهْدِ اللهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ) مثل أصحاب الكهف (وَمَنْ يُضْلِلْ) ، أي : يضلله الله ، ولم يرشده ؛ ك «دقيانوس» وأصحابه (فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا) معينا «مرشدا».
قوله تعالى : (وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقاظاً وَهُمْ رُقُودٌ وَنُقَلِّبُهُمْ ذاتَ الْيَمِينِ وَذاتَ الشِّمالِ وَكَلْبُهُمْ باسِطٌ ذِراعَيْهِ بِالْوَصِيدِ لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِراراً وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْباً)(١٨)
قوله : (وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقاظاً) أي : لو رأيتهم ، لحسبتهم.
وقال شهاب الدّين : لا حاجة إلى هذا التقدير.
(أَيْقاظاً) : جمع «يقظ» بضم القاف ، ويجمع على يقاظ ، ويقظ وأيقاظ ، كعضد وأعضاد ، ويقظ ويقاظ ، كرجل ورجال ، وظاهر كلام الزمخشريّ أنه يقال : «يقظ» بالكسر ؛ لأنه قال : وأيقاظ جمع «يقظ» كأنكاد في «نكد».
وقال الأخفش ، وأبو عبيدة ، والزجاج : أيقاظ جمع يقظ ويقظان.
وأنشدوا [لرؤبة](١) : [الرجز]
٣٤٩٩ ـ ووجدوا إخوانهم أيقاظا |
|
........... (٢) |
وقال البغوي (٣) : أيقاظا جمع يقيظ ويقظ ، واليقظة : الانتباه عند النّوم.
__________________
(١) في أ: ذو الرمة.
(٢) صدر بيت وعجزه :
وسيف غياظ لهم غياظا
ينظر : مجاز القرآن ١ / ٣٩٧ ، والشطران في ديوان العجاج ٨١ ـ ٨٢ ، ومعاني القرآن وإعرابه ٣ / ٢٧٤ ، والطبري ٨ / ١٩٤ ، والرازي ٢١ / ٨٥.
(٣) ينظر : معالم التنزيل ٣ / ١٥٤.