[وكان الرسول صلىاللهعليهوسلم يستغفر لنفسه لعظيم ما أنعم الله عليه ، ويرى قصوره عن القيام بحقّ ذلك.
وقيل : حسنات الأبرار سيئات المقربين.
وقيل : يحتمل أن يكون المعنى كن متعلقا به سائلا راغبا متضرعا على رؤية التقصير في أداء الحقوق.
وقيل : الاستغفار نفسه يجب إتيانه لا للمغفرة بل تعبدا.
وقيل : واستغفر أي : استغفر لأمتك إنه كان توابا على المسبحين والمستغفرين ، يتوب عليهم ويرحمهم ، ويقبل توبتهم ، وإذا كان عليهالسلام وهو معصوم يؤمر بالاستغفار فماذا يظنّ بغيره](١).
فصل في تفسير الآية
قد مرّ تفسير الحمد ، وأما تفسير قوله تعالى : (فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ) ففيه وجوه :
الأول : قال الزمخشري (٢) : قل : سبحان الله ، والحمد لله ، تعجبا مما أراك الله من عجيب إنعامه ، أي : اجمع بينهما ، كقولك : الماء باللبن ، أي : اجمع بينهما خلطا ، وشربا.
الثاني : أنّ التسبيح داخل في الحمد ؛ لأنك إذا حمدت الله تعالى ، فقد سبّحته بواسطته ، لأن الثناء عليه ، والشكر له يتضمن تنزيهه عن النقائص ، ولذلك جعل الحمد مفتاح القرآن ، فمعنى : (فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ) ، أي : سبحه بواسطته ، أن تحمده ، وأن تسبحه بهذا الطريق.
الثالث : أن يكون حالا ، أي : سبحه مقدرا أن تحمد بعد التسبيح ، كأنك تقول : لا يتأتى لك الجمع بينهما لفظا ، فاجمعهما نية كما تنوي الصلاة يوم النحر مقدرا أنك تنحر بعدها ، فيجتمع لك الثواب في تلك الحالة.
الرابع : أن هذه الباء كهي في قولك : فعلت هذه بفضل الله ، أي : بحمده ، أي : أنه الذي هداك لرشدك لا تجد غيره ، كقوله صلىاللهعليهوسلم : «الحمد لله على الحمد».
الخامس : قال السديّ : «بحمد ربّك» أي : بأمر ربك (٣).
السادس : أن تكون الباء زائدة ، والتقدير : سبح حمد ربك ، أي : طهر محامد ربك عن الرياء ، والسمعة ، أو اختر له أطهر المحامد ، وأذكاها وأحسنها أو ائت بالتسبيح والتنزيه بدلا عن الحمد.
__________________
(١) سقط من : ب.
(٢) الكشاف ٤ / ٨١١.
(٣) ذكره الرازي في تفسيره ٣٢ / ١٤٨.