للاكتفاء به في الرواية المكاتبة عند القائل بحجّيتها إن لم يحصل لها معارض أقوى ، فما ذكره من التقييد بالظنّ الأقوى أو المتاخم لا وجه له أصلاً ، بل ينبغي أن يطلق اعتبار الكتابة ، كما هو ظاهر الإسكافي (١) والأصحاب (٢) الرادّين عليه في المسألة ، هذا.
وفي كلامه مناقشات أُخر يطول الكلام بذكرها ، وإنّما المهم ممّا يرد عليه هو ما ذكرنا.
وكذا في الإنهاء بالبيّنة بمجردها من غير أن يشهدها الحاكم الأوّل على حكمه في الواقعة ، بلا خلاف أجده من الأصحاب كافة.
نعم احتمل الإنفاذ بها مطلقاً البعض المتقدم إليه الإشارة (٣) ، معلّلاً بما يرجع حاصله إلى عدم تعقل مدخلية للإشهاد في اعتبارها ، مع كونه داخلاً في عموم الأدلة الآتية التي عمدتها قضاء الضرورة ومسيس الحاجة إلى الإنفاذ بالبيّنة.
وهو حسن لولا عدم الخلاف في عدم الإنفاذ بها هنا ، مع احتمال أن يمنع الدخول في العموم ، بناءً على أنّ مسيس الحاجة إنّما يبيح الاكتفاء بالشيء لو لم يتصور اندفاعها إلاّ به ، وهي تندفع بالبيّنة التي أشهدها الحاكم ، فلا وجه للاكتفاء بغيرها ، بل الأصل الناهي عن العمل بالظنّ مع عدم مخرج عنه في محل البحث يقتضي المصير إلى ما ذكروه ، ومحصله وجوب استناد الحكم إلى القطع إلاّ حيثما لا يمكن مع مسيس الحاجة إليه ، فيجب تحصيل الأقرب إليه ، وليس إلاّ المتفق عليه ، وإلى هذا الأصل يشير كلام كثير في هذا البحث ، ولا ريب في قوته ومتانته.
__________________
(١ و ٢) راجع ص ١٣٤.
(٣) مجمع الفائدة والبرهان ١٢ : ٢١١ ٢١٢.