وأمّا عدم الإنفاذ بإخبار الحاكم ، فمحل خلاف بين الأصحاب ، فبين :
مختار له ، كظاهر إطلاق المتن ونص الخلاف (١).
ومختار للإنفاذ ، كالفاضل في القواعد والإرشاد ، والشهيدين في الدروس والمسالك (٢).
ومتردّد فيه ، كالماتن في الشرائع والفاضل في التحرير (٣) ، ينشأ :
من الأصل المتقدم المعبر عنه في كلامهم بأنّه حكم من الثاني بغير علم وقد نهى الله تعالى عنه ، خرج منه ما دل عليه دليل من خارج ، فيبقى الباقي على الأصل.
وممّا سيأتي إن شاء الله تعالى من جوازه مع الشهادة على حكمه فمع مشافهته أولى.
وفيه نظر ؛ إذ المشافهة الموجبة للأولوية إنّما هي مشافهة حكمه الذي هو متعلق الشهادة ، لا مشافهة إخباره به ، فإن الأولوية هنا غير واضحة. ولعله إلى هذا يشير كلام بعض الأجلة حيث قال في منعها : فإنّ الغرض من الشهود إثبات حكم الحاكم لا إقراره به ، وليس إثباته بقول الحاكم أقوى من إثباته بشاهدين عدلين ؛ إذ هما عدلان وهو عدل واحد ، وقول العدلين حجة دون الواحد (٤). انتهى.
ولكنه خلاف الإنصاف.
وكل من منع هنا يلزمه المنع عن الإنفاذ بالبيّنة التي أشهدها الحاكم
__________________
(١) الخلاف ٢ : ٥٩٥.
(٢) القواعد ٢ : ٢١٧ ، الإرشاد ٢ : ١٦٥ ، الدروس ٢ : ٩٢ ، المسالك ٢ : ٣٨٠.
(٣) الشرائع ٤ : ٩٦ ، التحرير ٢ : ١٨٨.
(٤) مجمع الفائدة والبرهان ١٢ : ٢١١.