الشهادة على الحكم فهي بمنزلة الثانية ، فتكون مسموعة.
وأنّها لو لم تشرع لبطلت الحجج مع تطاول المدّة ، ولأدّى إلى استمرار الخصومة في الواقعة الواحدة ، بأن يرافعه المحكوم عليه إلى آخر.
وأنّ الغريمين لو تصادقا أنّ حاكماً حكم عليهما ألزمهما الحاكم ما حكم به الأوّل إجماعاً في الظاهر المصرح به في بعض العبائر (١) ، فكذا إذا قامت البيّنة ؛ لأنّها تثبت ما لو أقرّ الغريم به لزم ، هذا.
مع أنّ القائل بالمنع هنا غير معروف ، وإن حكاه الأصحاب في كتبهم ، ويظهر من المختلف أنّه جماعة ، لكنه قال : وربما منع من ذلك جماعة من علمائنا (٢).
وفيه نوع إيماء إلى عدم قطعه بمخالفتهم ، وحجتهم مع ذلك غير واضحة عدا الأصل المخصص بما مرّ من الأدلة.
وما يستفاد من الماتن في الشرائع وغيره (٣) من فتوى الأصحاب بأنّه لا يجوز كتاب قاضٍ إلى قاضٍ ولا العمل به ، والخبرين المتقدمين (٤) ، فضعفهما ظاهر ؛ لاختصاصها بغير محل النزاع ، وهو المنع من كتاب قاضٍ إلى قاضٍ وإجازة العمل به ، ونحن نقول به.
نعم ربما كان في ذيل الخبرين ما يعرب عن المنع عن كتاب قاضٍ إلى قاضٍ مطلقاً ولو كان مع البيّنة ، لكن ضعفهما سنداً ، وعدم جابر لهما هنا ، مع عدم مقاومتهما لشيء من الأدلة التي قدمناها ، يضعف الاستناد إليهما ، سيّما مع عدم صراحة دلالتهما ، بل ولا ظهورهما في المنع عن
__________________
(١) كما في التنقيح الرائع ٤ : ٢٦١.
(٢) المختلف : ٧٠٦.
(٣) الشرائع ٤ : ٩٧ ؛ وانظر المفاتيح ٣ : ٢٦٩.
(٤) في ص ١٣٥.