أصحابنا (١) ، بحيث كاد أن يكون ذلك منهم إجماعاً ، قالوا : لعموم الأدلة. ولم أقف عليها عدا الروايات المتقدمة ، ولا عموم في الأخيرة منها بعد تسليم سندها ودلالتها على أصل الحكم في المسألة ؛ لأنّها قضية في واقعة فلا تكون عامّة ، ولفظ الغائب فيما عداها وإن كان مطلقاً إلاّ أنّ المتبادر منه الغائب عن البلد خاصّة.
اللهم إلاّ أن يكون المراد من الأدلة المستدل بعمومها ما دل على لزوم الحكم بالبيّنة (٢) ، مع عدم مانع لها بالكلية ؛ لأنّ الغائب إن كان منكراً فالبيّنة قامت عليه ، وإن كان مقرّاً فالبيّنة مؤكّدة لإقراره ، فعلى كل تقدير لا مانع من الحكم. وهذا أيضاً ربما لا يخلو عن نظر.
وكيف كان ، لا ريب أنّ القول الأوّل أحوط إن لم يتعين.
( و ) اعلم أنّ ما تضمنه المعتبران من أنّه ( لا يدفع إليه المال إلاّ بكفلاء ) هو مذهب الشيخ في النهاية والقاضي والحلّي والماتن هنا وفي الشرائع (٣). ومال إليه شيخنا الشهيد الثاني في كتابيه (٤) ، واختاره صاحب الكفاية (٥).
خلافاً لابن حمزة ، فلم يذكر التكفيل (٦) ، بل أوجب على الغريم بدله
__________________
(١) المحقق في الشرائع ٤ : ٨٦ ، العلاّمة في القواعد ٢ : ٢١٦ ، الشهيد الأول في الدروس ٢ : ٩١ ، الشهيد الثاني في المسالك ٢ : ٣٧٠ ، فخر الدين في إيضاح الفوائد ٤ : ٣٥٧ ؛ وانظر الكفاية : ٢٦٩ ، وكشف اللثام ٢ : ٣٤٧.
(٢) الوسائل ٢٧ : ٢٢٩ أبواب كيفية الحكم ب ١.
(٣) النهاية : ٣٥٢ ، القاضي في المهذّب ٢ : ٥٨٤ ، الحلّي في السرائر ٢ : ١٩٥ ، الشرائع ٤ : ٨٥.
(٤) المسالك ٢ : ٣٧٠ ، الروضة ٣ : ١٠٤.
(٥) الكفاية : ٢٦٩.
(٦) الوسيلة : ٢١٤.