وروى ذلك في أخبارنا ، والأوّل أقوى ؛ لأنّه إذا قال : كذبت فيما قلت ، ربما كان كاذباً ؛ لجواز أن يكون صادقاً في الباطن وقد تعذّر عليه تحقيقه ، فإذا قال : القذف باطل حرام ، فقد أكذب نفسه (١). انتهى.
وما اختاره فيه من كيفية الإكذاب اختاره الحلّي (٢) ؛ للتعليل الذي ذكره ، واختاره الفاضل في الإرشاد والتحرير والمختلف والقواعد ، وولده في شرحه (٣) ، لكن على تفصيل هو أنّه إن كان في قذفه كاذباً فحدّ توبته إكذاب نفسه ، وإن كان صادقاً فحدّها أن يقول : أخطأت ؛ جمعاً بين النصوص الآتية الدالة على أنّ حدّها إكذاب نفسه بقول مطلق ، وما مرّ من التعليل في كلام الشيخ ، الراجع حاصله إلى حرمة الكذب ، فلا يمكنه التكذيب مع صدقه ، فعليه بدله إن يخطأ نفسه.
وهو حسن إن صحّ التعليل ، وفيه نظر ؛ إذ حاصله ومبناه الفرار من الكذب ، وهو يحصل بالتورية ، واعتبارها أقرب إلى النصوص مما ذكره من التصريح بالتخطئة ، وأنسب بالحكمة المطلوبة للشارع من الستر ؛ لما في التصريح بالتخطئة من التعريض بالقذف أيضاً ، فإفساده أكثر من إصلاحه.
وبهذا صرّح جماعة ومنهم الشهيد في الدروس وقال في تضعيفه زيادةً على ذلك ـ : وبأنّ الله تعالى سمّى القاذف الذي لا يأتي بالشهود كاذباً (٤).
__________________
(١) المبسوط ٨ : ١٧٩.
(٢) السرائر ٢ : ١١٦.
(٣) الإرشاد ٢ : ١٥٧ ، التحرير ٢ : ٢٠٨ ، المختلف : ٧١٧ ، القواعد ٢ : ٢٣٦ ، إيضاح الفوائد ٤ : ٤٢٣.
(٤) الدروس ٢ : ١٢٦.