( فيه ) قولان : أوّلهما للشيخ في النهاية كما في التنقيح (١) ، وثانيهما له في المبسوط كما فيه (٢) ، وهو المشهور على الظاهر ، المصرّح به في كلام الصيمري ، بل لعلّه عليه عامة المتأخرين حتى الماتن هنا وفي الشرائع ، والفاضل في الإرشاد (٣) ، لكن على ( تردّد ) منهما وإشكال.
قيل : ينشئان : من أنّ التهمة المانعة من قبول الشهادة موجودة في الموضعين فيمنع من القبول فيهما ؛ لتساويهما في العلّة. ومن أنّها في حقوق الله تعالى والمصالح العامّة لا مدّعي لها ، فلو لم تقبل فيها شهادة المتبرع لأدّى ذلك إلى سقوطها (٤).
وفي هذا نظر ؛ إذ ليس فيه ما يفيد تقييد الأدلة المانعة عن قبول الشهادة مع التهمة بعد حصولها كما هو فرض المسألة بحقوق الآدميين خاصّة ، ومجرّد عدم المدّعى لحقوق الله تعالى لا يرفع التهمة ، ولا يفيد التقييد المزبور ؛ إذ لا دليل على إفادته له من إجماع أو رواية ، وأداء عدم القبول فيها إلى سقوطها لا دلالة فيه على أحد الأمرين أصلاً ، ولا محذور في سقوطها مع عدم قبولها ، بل هو مطلوب ؛ لبناء حقوق الله تعالى على التخفيف اتفاقاً فتوًى ونصاً.
ولو سلّم فإنّما يؤدّي إلى السقوط لو ردّ مطلقاً ، سواء كان في مجلس التبرّع أو غيره ، أمّا لو خصّ الردّ بالأوّل كما هو رأي بعض في حقوق الآدميين (٥) فلا يؤدّي إلى السقوط ؛ لإمكان قبوله لو أُدّي في
__________________
(١) التنقيح الرائع ٤ : ٣٠٥.
(٢) التنقيح الرائع ٤ : ٣٠٥.
(٣) الشرائع ٤ : ١٣١ ، الإرشاد ٢ : ١٥٨.
(٤) قاله في التنقيح الرائع ٤ : ٣٠٤.
(٥) المسالك ٢ : ٤٠٨.