مع أنّه محل كلام عند جماعة ، بل قالوا بثبوتها بالتواتر (١) ، ومنعه بما مرّ في كلام التحرير محل نظر يظهر وجهه بالتدبّر فيما ذكره شيخنا في المسالك ، حيث تنظّر فيه وقال :
لأنّ الطبقة الأُولى السامعين للعقد ، الشاهدين للمتعاقدين ، بالغون حدّ التواتر وزيادة ؛ لأنّ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم كان ذلك الوقت من أعلى قريش ، وعمّه أبو طالب المتولّي لتزويجه كان يومئذ رئيس بني هاشم وشيخهم ومن إليه مرجع قريش ، وخديجة ( سلام الله عليها ) كانت أيضاً من أجلاّء بيوتات قريش ، والقصة في تزويجها مشهورة ، وخطبة أبي طالب رحمهالله في مسجد الحرام بمجمع من قريش ممن يزيد عن العدد المعتبر في التواتر ، فدعوى معلومية عدم استناد الطبقة الاولى إلى مشاهدة العقد وسماعة ظاهرة المنع ، وإنّما الظاهر كون ذلك معلوماً بالتواتر ؛ لاجتماع شرائطه ، فلا يتم الاستدلال به على هذا المطلوب (٢). انتهى.
وبالجملة : لا ريب في ضعف هذا القول.
وأضعف منه ما بالغ به في المبسوط ، فقال : يكفي أن يسمع من عدلين فصاعداً فيصير بسماعه منهما شاهد أصل ومتحمّلاً للشهادة ؛ لأنّ ثمرة الاستفاضة هو الظن ، وهو حاصل بهما (٣).
ويضعّف أوّلاً : بمنع اعتبار الاستفاضة المثمرة للمظنة ، بل المعتبر منها ما أفاد العلم خاصّة ، كما عرفته.
وثانياً : بعد تسليمه ينبغي الاقتصار عليه ؛ لعدم دليل على العموم ، مع
__________________
(١) منهم العلاّمة في المختلف : ٧٢٩ ، وولده في الإيضاح ٤ : ٤٣٨.
(٢) المسالك ٢ : ٤١٢.
(٣) المبسوط ٨ : ١٨١.