وأضعف منه ترجيحه لهذا القول بعد استدلاله المتقدم إليه الإشارة ، وذلك فإنّه بعد تسليم ارتباط الصحيحة بمورد المسألة لا يمكن المصير إليها بمجرد الصحة ؛ لرجحان ما قدّمناه من المرسلة وغيرها عليها من وجوه عديدة ، ومنها اعتضادها دون الصحيحة بالشهرة العظيمة التي كادت تكون إجماعاً ، بل إجماع في الحقيقة كما عرفت حكايته في كلام جماعة ، مضافاً إلى الأدلة الأُخر المتقدمة.
مع رجوع الشيخ عما في النهاية في المبسوط والخلاف (١) إلى ما عليه الجماع ، فلم يبق إلاّ القاضي وابن حمزة ، وهما نادران بالإضافة إلى باقي الأصحاب بلا شبهة ، فلا ريب فيما ذكره الأصحاب في المسألة بحمد الله سبحانه.
ويستفاد من عبارة المبسوط المتقدمة وقوع الخلاف في الحكم إذا كان الرجوع قبل الاستيفاء ، وهو لازم للنهاية ومن تبعه ، وصرّح به ابن حمزة في الوسيلة ، وبه أفتى بعض متأخري متأخري الطائفة (٢) مع ميله إلى ما ذكره الأصحاب أو تردّده فيه من عدم نقض الحكم بالرجوع بعد الاستيفاء ومحصّله الفرق بين الرجوع قبل الاستيفاء فينقض الحكم جزماً ، وعدمه فلا ينقض كذلك أو احتمالاً.
وهو ضعيف جدّاً ؛ ولذا لم يحكم به أحد من الأصحاب القائلين بعدم النقض مع الرجوع بعد الحكم ، بل صرّحوا بالعدم ؛ لإطلاق الأدلة ، بل عمومها ، ومع ذلك مستند البعض غير واضح ، وحجة النهاية على تقدير تسليمها لا تدل على التفصيل الذي ذكره جدّاً ، وهو لا يقول بإطلاقها.
__________________
(١) المبسوط ٨ : ٢٤٦ ٢٤٨ ، الخلاف ٦ : ٣٢٤.
(٢) الفيض الكاشاني في المفاتيح ٣ : ٢٩٧.