ويشكل بأنّ الاختلاف في أسباب الفسق يقتضي الاختلاف في أسباب العدالة ، فإنّ الاختلاف مثلاً في عدد الكبائر كما يوجب في بعضها ترتّب الفسق على فعله يوجب في بعض آخر عدم قدحه في العدالة بدون الإصرار عليه ، فيزكّيه المزكّي مع علمه بفعل ما لا يقدح عنده فيها ، وهو قادح عند الحاكم.
ومن ثمّ ذهب الإسكافي إلى وجوب التفصيل فيهما (١) ، وهو حسن حيث لا يعلم موافقة مذهب المزكّي للحاكم في أسباب الجرح والتعديل ، وأمّا لو علم بأن كان مقلّداً له ، أو مجتهداً وافق مذهبه مذهبه ، فالأجود حينئذ عدم وجوب التفصيل مطلقاً.
ومن هنا ظهر ضعف القول بعدم وجوبه والاكتفاء بالإطلاق مطلقاً أيضاً (٢).
وللفاضل قول بوجوب التفصيل في التعديل دون الجرح (٣) ، عكس المشهور.
وآخر بالتفصيل بين علم المزكّي والجارح بأسبابهما فالإطلاق مطلقاً ، وجهلهما بهما فالتفصيل كذلك (٤).
وضعفهما قد ظهر ممّا مضى.
وحيث اكتفي في العدالة بالإطلاق مطلقاً ، كما هو المشهور ، أو على تفصيل قدّمناه ، ففي القدر المعتبر من العبارة عنه أوجه ، بل وأقوال.
__________________
(١) حكاه عنه في المختلف : ٧٠٦.
(٢) هو مذهب القاضي أبي بكر ، حكاه عنه الآمدي في الأحكام ٢ : ٣١٧ ، والغزالي في المستصفى ١ : ١٦٢ ، والقاضي عضد في شرح المختصر : ١٧٠.
(٣) المختلف : ٧٠٦.
(٤) حكاه في معالم الأُصول : ٢٠٧.