وهل يفرّق بين ما حصلت التوبة منها وغيره؟
ظاهر الأخبار والفتاوى ذلك ؛ لأنّ ما تاب عنه فاعله سقط حقّ الله تعالى منه ؛ بناءً على وجوب قبول التوبة ، فلم يبق عليه حدٌّ لله سبحانه.
وربما يظهر من الصحيحة الأُولى ونحوها ممّا تضمّن انصراف الناس بأجمعهم بعد ما قيل لهم ذلك ، ما خلا أمير المؤمنين والحسنين عليهمالسلام عدم الفرق ؛ فإنّ من البعيد جدّاً أنّ جميعهم لم يتوبوا من ذنوبهم ذلك الوقت.
ثم إنّ إطلاق النصّ والفتوى يقتضي عدم الفرق في النهي كراهةً أو تحريماً بين ثبوت الزنا بالإقرار أو البيّنة. ولكن ذكر الصيمري اختصاصه بالأوّل ، قائلاً : إنّه محلّ الخلاف ، وأنّه إذا قامت البيّنة فالواجب بدأة الشهود ، ولأنّ النهي إنّما ورد في صورة الإقرار (١).
وفي التعليل الأخير نظر ؛ فإنّ موارد نصوص النهي وإن اختصّت بالإقرار ، إلاّ أنّ النهي فيها وقع على سبيل العموم ، من دون أن يظهر منها ما يوجب التخصيص.
وأمّا أدلّة وجوب بدأة الشهود بالرجم فيما إذا قامت البيّنة عليه ، فليس لها قابليّة التخصيص ؛ مع احتمال العكس ، فتخصّ أدلّة وجوب البدأة بما إذا لم يكن على الشهود حدّ لله سبحانه.
وحينئذ ، فلا وجه لتخصيص النصّ والفتوى بما ذكره ، إلاّ أن يكون وقف على ما أوجبه.
__________________
(١) غاية المرام ٤ : ٣٢٠.