وأوضح سنداً ، وأوفق بالأصل والآية الكريمة كما مضى ، فلا تكافؤ بينهما أصلاً ، سيّما مع كون هذه شاذّة لا عامل بها ، حتى الشيخ ؛ لرجوعه في الخلاف (١) عما ذكره في النهاية إلى ما عليه أصحابنا.
ولابن حمزة قول ثالث في المسألة ، ففصّل بين ما إذا كان المعسر ذا حرفة يكتسب بها فالثاني ، وغيره فالأوّل ، مستدلاً عليه بالرواية الأخيرة (٢).
والمناقشة فيه واضحة ؛ لعدم دلالة فيها على التفصيل المزبور ، بل ولا إشارة.
ولا يمكن الاستدلال له بالجمع بين الأدلّة والروايات المختلفة ؛ لعدم التكافؤ أوّلاً ، وعدم وضوح الشاهد عليه ثانياً.
فهذا القول ضعيف كسابقه ، بل وأضعف جدّاً ، وإن نفى عنه البعد في المختلف (٣).
كضعف ما اعتذر به من أنّه يتمكن من أداء ما وجب عليه ، وإيفاء صاحب الدين حقه ، فيجب عليه كما يجب عليه السعي في المئونة ، ومع تمكنه من الكسب لا يكون معسراً ؛ لأنّ اليسار كما يتحقق بالقدرة على المال ، يتحقق بالقدرة على تحصيله ، ولهذا منع القادر على التكسب من أخذ الزكاة ، إلحاقاً له بالغني القادر على المال.
وذلك فإنّ غاية ما ذكره وجوب تكسبه كيف شاء ، لا تسلّط الغريم على منافعه بالاستيفاء والإجارة ، كما ذكره ابن حمزة.
نعم لو توانى عن هذا الواجب بحيث يترتب به ضرر على الغرماء
__________________
(١) الخلاف ٣ : ٢٧٢.
(٢) الوسيلة : ٢١٢.
(٣) المختلف : ٤١٤.