ثبت وهرب المدعى عليه ولم يكن له مال يقتصّ منه.
ومنه يظهر الجواب عن الأخير ، فإنّ الحكم عليه وهو غائب غير كاف في التخلّص عن احتمال ذهاب الحق بعد فرض عدم مال له يقتصّ منه واحتمال عدم الوصول إليه ليداعيه ، وقياس المقام على إثبات الحق على الغيّب قياس مع الفارق ؛ لإمكان التكفيل هنا ، وعدمه ثمّة حين غياب الغائب.
فإذاً القول الأوّل لا يخلو عن رجحان إن خيف هرب المنكر وعدم التمكن من استيفاء الحق بعد ثبوته من ماله ، ولو لم يخف عن ذلك أمكن ترجيح الثاني.
وبهذا التفصيل صرّح الفاضل المقداد في شرح الكتاب ، فقال ولنعم ما قال ـ : ويقوى أنّ التكفيل موكول إلى نظر الحاكم ، فإنّ الحكم يختلف باختلاف الغرماء ، فإنّ الغريم قد يكون غير مأمون فالمصلحة حينئذٍ تكفيله ، وإلاّ لزم تضييع حق المسلم ، وقد لا يكون كذلك بل يكون ذا ثروة وحشمة ومكنة فلا حاجة إلى تكفيله ؛ لعدم ثبوت الحق والأمن من ضياعه ، وربما كان المدّعى محتالا يكون طلبه للتكفيل وسيلة إلى أخذ ما لا يستحقه (١).
وعلى القول بالتكفيل فهل يتعيّن في ضرب مدّته ثلاثة أيّام ، كما عن ابن حمزة (٢) ، أو يناط بنظر الحاكم كما هو ظاهر الأكثر؟ قولان.
( و ) عليهما ( يخرج ) الكفيل ( من ) حق ( الكفالة عند انقضاء الأجل ) المضروب كائناً ما كان ، ولا خلاف فيه على الظاهر ، ووجهه مع
__________________
(١) التنقيح الرائع ٤ : ٢٥٢.
(٢) الوسيلة : ٢١٢.